باب فى الرخصة في النية فى الصيام
حدثنا عثمان بن أبى شيبة حدثنا جرير بن عبد الحميد عن يزيد بن أبى زياد عن عبد الله بن الحارث عن أم هانئ قالت لما كان يوم الفتح فتح مكة جاءت فاطمة فجلست عن يسار رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأم هانئ عن يمينه قالت فجاءت الوليدة بإناء فيه شراب فناولته فشرب منه ثم ناوله أم هانئ فشربت منه فقالت يا رسول الله لقد أفطرت وكنت صائمة. فقال لها « أكنت تقضين شيئا ». قالت لا. قال « فلا يضرك إن كان تطوعا ».
في هذا الحَديثِ يُبيِّنُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم حُكْمًا من أحكامِ صِيامِ التَّطوُّعِ، وهو أنَّ المُتطوِّعَ إذا أَفْطَرَ فلا شيءَ عليه من قضاءٍ أو غيرِه، وفيه تَحكي أُمُّ هانئ بنتُ أبي طالبٍ رضِيَ اللهُ عنها، أنَّه: لَمَّا كان يومُ الفتحِ فتْحِ مكَّةَ، وكان في السَّنَةِ الثَّامنةِ من الهجرةِ، جاءت فاطمةُ، أي: ابنةُ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فجلسَتْ عن يَسارِ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وأُمُّ هانئٍ عن يمينِه، ولعلَّ سببَ اختيارِ فاطمةَ اليسارَ على اليَمينِ هو تَواضعُها لأمِّ هانئٍ أختِ زوجِها
قالت أمُّ هانئٍ: فجاءت الوليدةُ، أي: الأَمَةُ، بإناءٍ فيه شرابٌ، أي: من ماءٍ أو غيرِه، فناولَتْه فشرِبَ منه، ثمَّ ناوَلَه أُمَّ هانئٍ، فشرِبَتْ منه؛ لأنَّها كانت أكبرَ سِنًّا، والنَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كان يُراعي كِبَرَ السِّنِّ في مِثْلِ هذه المواقفِ، فقالَتْ: يا رسولَ اللهِ، لقد أَفْطَرْتُ، وكنتُ صائمةً، فقال لها: (أكُنتِ تَقْضينَ شيئًا؟)، أي: هل كان عليك قضاءُ أيَّامٍ تَقْضينَها؟ فسأل عن القضاءِ أوَّلًا؛ لأنَّه لا بُدَّ منه، ويأْثَمُ مَن تَرَكَه، قالت: لا، أي: لا قضاءَ عليَّ، إنَّما هو صيامُ تطوُّعٍ، فقال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: (فلا يَضُرُّكِ إنْ كان تطوُّعًا)، أي: لا ضَرَرَ عليكِ بالإفطارِ في هذا اليومِ؛ لأنَّ الْمُتَطَوِّعَ أَمِيرُ نَفْسِهِ