باب فى السلام على أهل الذمة
حدثنا عمرو بن مرزوق أخبرنا شعبة عن قتادة عن أنس أن أصحاب النبى -صلى الله عليه وسلم- قالوا للنبى -صلى الله عليه وسلم- إن أهل الكتاب يسلمون علينا فكيف نرد عليهم قال « قولوا وعليكم ». قال أبو داود وكذلك رواية عائشة وأبى عبد الرحمن الجهنى وأبى بصرة يعنى الغفارى.
كان اليهود يسكنون المدينة قبل مقدم النبي صلى الله عليه وسلم، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يعلم الناس مكارم الأخلاق، ويعلمهم أن يدفعوا السيئة بالحسنة، وقد كان صلى الله عليه وسلم قدوة في ذلك، ولأن اليهود قوم بهت ومعتادون على تحريف الكلم، فقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه رضي الله عنهم برد دعوتهم عليهم؛ فأخبرهم أن اليهود إذا سلموا عليهم، يقول أحدهم: «السام عليكم»، وهذا من باب فطنة النبي صلى الله عليه وسلم لما يقوله اليهود، والسام: هو الموت والهلكة، فقد غيروا تحية الإسلام من الدعاء بالأمن والسلام إلى الدعاء بالموت والهلكة، فأمر النبي صلى الله عليه وسلم بأن يرد عليهم قولهم بأن يقول المسلم: «عليك»، أي: قولك مردود عليك وحدك، فالدعاء الذي قلته يقع عليك دون غيرك من المسلمين. وفي رواية: «فقولوا: وعليك»، أي: وعليك مثل ما قلته من الدعاء، تشترك فيه أنت ومن دعوت عليه، وهذا من معاني حرف الواو، وهو الاشتراك، والله سبحانه أعلم بالمبتدئ الظالم، وقد أوضح النبي صلى الله عليه وسلم -كما عند البخاري-: «فيستجاب لي فيهم، ولا يستجاب لهم في»، أي: يستجاب له صلى الله عليه وسلم في اليهود؛ لأنه دعاء بحق، ولا يستجاب لهم في النبي صلى الله عليه وسلم؛ لأنه دعاء بالباطل والظلم؛ فإن الداعي إذا دعا بشيء ظلما فإن الله لا يستجيب له، ولا يجد دعاؤه محلا في المدعو عليه
وأما إذا قالوا خيرا فلا بأس بإجابتهم بـ(وعليكم السلام)؛ لعموم قوله تعالى: {وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها إن الله كان على كل شيء حسيبا} [النساء: 86]
وفي الحديث: رد القول السيئ بمثله دون فحش أو بذاءة