باب فى الغلول إذا كان يسيرا يتركه الإمام ولا يحرق رحله

باب فى الغلول إذا كان يسيرا يتركه الإمام ولا يحرق رحله

حدثنا أبو صالح محبوب بن موسى قال أخبرنا أبو إسحاق الفزارى عن عبد الله بن شوذب قال حدثنى عامر - يعنى ابن عبد الواحد - عن ابن بريدة عن عبد الله بن عمرو قال كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا أصاب غنيمة أمر بلالا فنادى فى الناس فيجيئون بغنائمهم فيخمسه ويقسمه فجاء رجل بعد ذلك بزمام من شعر فقال يا رسول الله هذا فيما كنا أصبناه من الغنيمة. فقال « أسمعت بلالا ينادى ». ثلاثا. قال نعم. قال « فما منعك أن تجىء به ». فاعتذر إليه فقال « كن أنت تجىء به يوم القيامة فلن أقبله عنك ».

أحل الله الغنيمة لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم وأمته، وحدد كيفية تقسيمها؛ وقد حرم الله سبحانه الغلول من الغنيمة أو أخذ شيء منها قبل تقسيمها
وفي هذا الحديث يخبر عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أصاب غنيمة"، أي: إذا فاز بغنيمة وأراد جمعها وتقسيمها "أمر بلالا"، أي: بالنداء "فنادى في الناس، فيجيئون بغنائمهم"، أي: يحضرونها، "فيخمسه ويقسمه"، أي: يقسم ما يجيئون به إلى خمسة أقسام،؛ خمس منها لمن ذكرهم الله تعالى في قوله: {واعلموا أنما غنمتم من شيء فأن لله خمسه وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل} [الأنفال: 41]، وأما باقي السهام الأربعة- أربعة أخماس- فتكون للمجاهدين الذين شاركوا في القتال، "فجاء رجل بعد ذلك بزمام من شعر"، أي: مصنوع من الشعر، والزمام: الحبل الذي يستخدم لعقل الدواب، فقال الرجل: "يا رسول الله، هذا فيما كنا أصبناه من الغنيمة"
وفي رواية: "فجاء رجل يوما بعد ذلك"، أي: بعد التخميس، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "أسمعت بلالا ينادي ثلاثا؟"، أي: ثلاث مرات، قال الرجل: "نعم"، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "فما منعك أن تجيء به؟"، أي: تسرع في ضمه فيما جمع من الغنيمة، "فاعتذر إليه"، أي: اعتذر للنبي صلى الله عليه وسلم عن تأخيره إياه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "كن أنت تجيء به يوم القيامة"، أي: أنت تجيء به في الآخرة لا غيرك؛ "فلن أقبله منك"، أي: تركه النبي صلى الله عليه وسلم ولم يأخذه؛ قيل: وإنما لم يقبلها صلى الله عليه وسلم منه على سبيل التغليظ، لا أن توبته غير مقبولة، ولا أن رد المظالم على أهلها أو الاستحلال منهم غير ممكن؛ لأن في الغنيمة اجتمع حق الله وحق المجاهدين، وقد قسمت الحقوق، فلم يقبل منه النبي صلى الله عليه وسلم ما كان أخفاه مع سماعه نداء بلال بجمع الغنائم
وفي الحديث: التحذير من الغلول من الغنائم
وفيه: أن الغنيمة فيها حق لله وحق للمسلمين، وأن الغال قد أخذ من حقيهما