باب فى تحريم المدينة

باب فى تحريم المدينة

حدثنا أبو سلمة حدثنا جرير - يعنى ابن حازم - حدثنى يعلى بن حكيم عن سليمان بن أبى عبد الله قال رأيت سعد بن أبى وقاص أخذ رجلا يصيد فى حرم المدينة الذى حرم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فسلبه ثيابه فجاء مواليه فكلموه فيه فقال إن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حرم هذا الحرم وقال « من وجد أحدا يصيد فيه فليسلبه ثيابه ». فلا أرد عليكم طعمة أطعمنيها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ولكن إن شئتم دفعت إليكم ثمنه.

للمدينة النبوية حرمتها، التي حرمها رسول الله صلى الله عليه وسلم، كما حرم إبراهيم الخليل مكة
وفي هذا الحديث يقول التابعي سليمان بن أبي عبد الله: «رأيت سعد بن أبي وقاص أخذ رجلا»؛ وكان عبدا، كما في رواية مسلم، «يصيد في حرم المدينة الذي حرم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فسلبه ثيابه»، أي: أخذ ما عليه من الثياب ما عدا الساتر لعورته؛ زجرا له عن العودة لمثله، «فجاء مواليه»، أي: موالي العبد، وهم مالكوه ومن يتولون أمره، «فكلموه فيه»، أي: في شأن العبد ورد سلبه وثيابه، فقال سعد رضي الله عنه: «إن رسول الله صلى الله عليه وسلم حرم هذا الحرم»، وهو حرم المدينة ما بين اللابتين، وهو اثنا عشر ميلا حول المدينة حمى، واللابتان تثنية لابة، واللابة الحرة، وهي أرض ملسة حجارة سوداء، والمدينة زادها الله تعالى شرفا بين لابتين في جانبي الشرق والغرب، والحرة الشرقية الآن بها قباء، وحصن واقم، الذي سميت به الحرة، والحرة الغربية هي حرة وبرة، وبها المسجد المسمى بمسجد القبلتين، وأما من جهة الشمال والجنوب؛ فحد الحرم النبوي ما بين جبل عير جنوبا، ويبعد عن المسجد النبوي 8,5 كم، وجبل ثور شمالا ويبعد عن المسجد النبوي 8 كم، وفي صحيح مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "المدينة حرم ما بين عير إلى ثور". «وقال: من أخذ أحدا يصيد فيه فليسلبه» أي: يأخذ ثيابه، «فلا أرد عليكم طعمة»، أي: رزقا «أطعمنيها رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولكن إن شئتم دفعت إليكم ثمنه»، ودفع الثمن إليهم تبرعا منه عليهم لترضيتهم؛ لأن السلب لو لم يكن جائزا لما فعله سعد مع عظم شأنه، وهذه غرامة ألزمها رسول الله صلى الله عليه وسلم على من قتل صيدا أو قطع شجرا في الحرم
وفي الحديث: بيان حرص الصحابة على تتبع السنة وتنفيذها وتعليمها للناس