باب فى رمى الجمار
حدثنا عبد الله بن مسلمة القعنبى عن مالك ح وحدثنا ابن السرح أخبرنا ابن وهب أخبرنى مالك عن عبد الله بن أبى بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن أبيه عن أبى البداح بن عاصم عن أبيه أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- رخص لرعاء الإبل فى البيتوتة يرمون يوم النحر ثم يرمون الغد ومن بعد الغد بيومين ويرمون يوم النفر.
لقد يسر الإسلام على الناس حياتهم، وحفظ لهم مصالحهم، مع الحرص على أن يؤدوا عبادتهم على أتم وجه، من أداء الواجبات والأركان الأساسية، والتجوز في بعض السنن لعذر؛ حتى لا يبقى لأحد عذر عن أداء فرائضه
وفي هذا الحديث يقول عاصم بن عدي رضي الله عنه: "رخص"، أي: أباح وأجاز "رسول الله صلى الله عليه وسلم لرعاء الإبل"، أي: للذين يرعون الإبل، "في البيتوتة"، أي: أباح لهم ترك المبيت ليالي أيام التشريق بمنى، "أن يرموا"، أي: الجمرة، "يوم النحر"، أي: في اليوم العاشر من ذي الحجة، "ثم يجمعوا رمي يومين بعد يوم النحر، فيرمونه في أحدهما"، أي: إنهم إذا تركوا المبيت ليومين من أيام التشريق جمعوهما في الرمي عند رجوعهم وذهابهم لمنى في أحد الأيام الثلاثة
قال مالك: "ظننت أنه قال"، يقصد: عبد الله بن أبي بكر، أحد رواة الحديث: "في الأول منهما"، أي: في اليوم الأول من اليومين: "ثم يرمون يوم النفر"، أي: ثم يجمع أحدهما في اليوم الثالث عشر، وهو يوم النفر الثاني. وفي رواية أخرى عند الإمام أحمد قال في آخر الحديث: "قال مالك: ظننت أنه في الآخر منهما"، أي: يكون الرمي في اليوم الأخير وليس في الأول
ومما أجيب به في دفع هذا الإشكال: أن ما في الترمذي وابن ماجه "في الأول منهما" سهو وخطأ من بعض الرواة، والصحيح ما في مسند أحمد "في الآخر منهما"؛ لأنه موافق لتفسير الموطأ الصريح الواضح وقيل: معناه أنهم يرمون في الأول منهما، أي: في الحادي عشر كسائر الحجاج، ثم يروحون إلى إبلهم في المراعي، ولا يأتون اليوم الثاني من أيام التشريق، أي: اليوم الثالث من أيام النحر، وهو يوم النفر الأول، بل يأتون يوم النفر الآخر فيجمعون فيه بين رمي يومين، أي: رمي اليوم الثاني عشر ورمي الثالث عشر، أي: النفر الآخر