باب فى سورة الصمد
حدثنا القعنبى عن مالك عن عبد الرحمن بن عبد الله بن عبد الرحمن عن أبيه عن أبى سعيد الخدرى أن رجلا سمع رجلا يقرأ (قل هو الله أحد) يرددها فلما أصبح جاء إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فذكر ذلك له وكان الرجل يتقالها فقال النبى -صلى الله عليه وسلم- « والذى نفسى بيده إنها لتعدل ثلث القرآن ».
لما كان القرآن الكريم يتضمن ثلاثة أمور؛ الأول: القصص والعبر والأمثال، والثاني: الأمر والنهى والثواب والعقاب، والثالث: التوحيد والإخلاص، ولما تضمنت سورة الإخلاص صفة توحيده تعالى وتنزيهه عن الصاحبة والوالد والولد؛ كان أجر قارئها عظيما، كما أخبر بذلك النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث؛ فيروي أبو سعيد الخدري رضي الله عنه أن رجلا سمع رجلا يقرأ سورة {قل هو الله أحد} يرددها، فلما أصبح جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأخبره بذلك، وفي رواية أن الرجل كان يقرؤها في صلاة الليل ويكتفي بها، ولا يقرأ غيرها من سور القرآن، وكأن السائل يتقالها، أي: يظنها قليلة في الكم والقدر، فأقسم النبي صلى الله عليه وسلم بالله الذي يملك نفسه، أنها تعدل ثلث القرآن، أي: في الجزاء وليس في الإجزاء، وصوب فعل هذا الرجل الذي كان يقوم الليل بها؛ فإن القرآن فيه أحكام، وأخبار، وتوحيد، والتوحيد يدخل فيه معرفة أسماء الله تعالى وصفاته، وقد اشتملت هي على القسم الثالث (التوحيد)؛ فكانت ثلثا بهذا الاعتبار، ويستأنس لذلك بما رواه مسلم من حديث أبي الدرداء رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: «إن الله جزأ القرآن ثلاثة أجزاء، فجعل {قل هو الله أحد} جزءا من أجزاء القرآن»؛ وذلك لأنها اشتملت على اسمين من أسماء الله تعالى، متضمنين كل أوصاف الكمال، ولم يوجدا في غيرها من سور القرآن، وهما: الأحد، والصمد؛ فإنهما يدلان على ذات الله الموصوفة بجميع أوصاف الكمال، وبيان ذلك: أن الأحد يشعر بوجوده الخاص الذي لا يشاركه فيه أحد غيره، والصمد يشعر بجميع أوصاف الكمال؛ لأنه الذي بلغ سؤدده منتهى الرفعة والكمال، والذي يحتاج إليه جميع الخلائق، وهو سبحانه لا يحتاج إلى أحد منهم
وفي الحديث: تفضيل بعض سور القرآن على بعض
وفيه: فضل سورة الإخلاص، وامتيازها بأنها تحوي في معناها ومضمونها ثلث القرآن