باب فى قتال الخوارج
حدثنا مسدد وسليمان بن داود - المعنى - قالا حدثنا حماد بن زيد عن المعلى بن زياد وهشام بن حسان عن الحسن عن ضبة بن محصن عن أم سلمة زوج النبى -صلى الله عليه وسلم- قالت قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- : « ستكون عليكم أئمة تعرفون منهم وتنكرون فمن أنكر ». قال أبو داود قال هشام : « بلسانه فقد برئ ومن كره بقلبه فقد سلم ولكن من رضى وتابع ». فقيل : يا رسول الله أفلا نقتلهم قال ابن داود : « أفلا نقاتلهم ». قال : « لا ما صلوا ».
للأَمْرِ بالمعروفِ والنَّهيِ عن المنكَرِ منزلةٌ كبرى ومكانة عُظمى؛ وقد نالتْ بها أمَّةُ الإسلام الخيريَّةَ على سائرِ الأُمم، ولو طُوِي بساطُ الأمر بالمعروفِ وأُهْمِل عِلْمُه وعَمَلُه، لاضمحلَّتِ الدِّيانة، وفَشَتِ الضَّلالة، وشاعتِ الجَهالة، واسْتَشرى الفسادُ، واتَّسَعَ الخَرْقُ وخَرِبَتِ البلادُ، وهَلَك العبادُ، وفي هذا الحديثِ يقولُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم: "إنَّه سيَكونُ عليكم أئمَّةٌ تَعرِفون وتُنكِرون"، أي: سيَلِي أمْرَكم أُمَراءُ مِن صِفاتِهم أنَّهم يَعمَلون فيكم بأعمالٍ، بعضُها حسَنٌ، وتَعرِفونه بصِفاتِه وعَلاماتِه، وبعضُها قبيحٌ تُنكِرونها عليهم، "فمَن أنكَر"، أي: قَوِي على الإنكارِ عليهم بيَدِه ولسانِه، "فقد بَرِئ"، أي: مِن النِّفاقِ أو مِن الإثمِ، "ومَن كَرِه"، أي: لم يَرْضَ فِعلَهم وأنكَر عليهم بقلبِه؛ لِعَدمِ قُدرتِه على الإنكارِ باليدِ أو اللِّسانِ، "فقد سَلِم"، أي: مِن مُشارَكتِهم أوزارَهم، "ولكنْ مَن رَضِي وتابَعَ"، أي: ولكن لم يَبْرَأْ مِنهم ولم يَسلَمْ مِن مُشاركتِهم في الوِزْرِ: الَّذي رَضِي بفِعْلِهم وتابَعَهم في أعمالِهم، فقيل: "يا رسولَ اللهِ أفلا نُقاتِلُهم؟"، أي: نَخرُجُ عليهم فنُقاتِلُ هؤلاء الأُمراءَ؟ فقال النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم: "لا"، أي: نهى النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم عن الخروجِ عليهم وقِتالِهم، "ما صَلَّوْا"، أي: لا يَحِقُّ قِتالُهم إذا ظَلُّوا يُصلُّون فإن ترَكوا الصَّلاةَ أو منَعوها قُوتلوا
وفي الحديثِ: علامةٌ مِن علاماتِ نُبوَّتِه صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم
وفيه: تَعظيمُ شَأنِ الصَّلاةِ