باب فى قيام شهر رمضان.
حدثنا هناد بن السرى حدثنا عبدة عن محمد بن عمرو عن محمد بن إبراهيم عن أبى سلمة بن عبد الرحمن عن عائشة قالت كان الناس يصلون فى المسجد فى رمضان أوزاعا فأمرنى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فضربت له حصيرا فصلى عليه بهذه القصة قالت فيه قال - تعنى النبى -صلى الله عليه وسلم- - « أيها الناس أما والله ما بت ليلتى هذه بحمد الله غافلا ولا خفى على مكانكم ».
( صلى في المسجد ) : وفي رواية للبخاري " خرج ليلة من جوف الليل يصلي في المسجد " ( بصلاته ناس ) : مقتدين به . وعند البخاري " فأصبح الناس فتحدثوا " ( ثم صلى من القابلة ) : أي الليلة الثانية ( ثم اجتمعوا من الليلة الثالثة ) : وعند البخاري " فكثر أهل المسجد من الليلة الثالثة فخرج رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ فصلى فصلوا بصلاته ، فلما كانت الليلة الرابعة عجز المسجد عن أهله حتى خرج لصلاة الصبح " ( أن تفرض ) : صلاة التراويح ( عليكم ) : وظاهر قوله خشيت أن تفرض عليكم أنه ـ صلى الله عليه وسلم ـ توقع ترتب افتراض قيام رمضان في جماعة على مواظبتهم عليه . فقيل إن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ كان حكمه أنه إذا ثبت على شيء من أعمال القرب واقتدى الناس به في ذلك العمل فرض عليهم ، ولذا قال خشيت أن تفرض عليكم . وقال في الفتح : إن المخوف افتراض قيام الليل بمعنى جعل التهجد في المسجد جماعة شرطا في صحة التنفل بالليل ، ويومئ إليه قوله في حديث زيد بن ثابت " حتى خشيت أن يكتب عليكم ولو كتب عليكم ما قمتم به فصلوا أيها الناس في بيوتكم " فمنعهم من التجميع في المسجد إشفاقا عليهم من اشتراطه وأمن مع إذنه في المواظبة على ذلك في بيوتهم من افتراضه عليهم انتهى
وكان عمر ـ رضي الله عنه ـ يقول في جمعه الناس على جماعة واحدة " نعمت البدعة هي " وإنما سماها بدعة باعتبار صورتها فإن هذا الاجتماع محدث بعده ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، وباعتبار الحقيقة فليست ببدعة لأنه ـ صلى الله عليه وسلم ـ إنما أمرهم بصلاتها في بيوتهم لعلة هي خشية الافتراض ، وقد زالت بوفاته ـ صلى الله عليه وسلم ـ
قال المنذري : وأخرجه البخاري ومسلم . ( يصلون في المسجد في رمضان أوزاعا ) : قال الخطابي : يريد متفرقين ، ومن هذا قولهم وزعت الشيء إذا فرقته ، ففي هذا إثبات الجماعة في قيام شهر رمضان وفيه إبطال قول من زعم أنها محدثة ( فضربت ) : أي بسطت ( بحمد الله ) : جملة معترضة بين الحال وذي الحال ( غافلا ) : حال من ضمير ما بت ( ولا خفي علي مكانكم ) : ومع ذلك لم أخرج إليكم خشية الافتراض عليكم والحديث سكت عنه المنذري .