باب في الإحسان إلى البنات 2
بطاقات دعوية
عن أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من عال جاريتين حتى تبلغا (2) جاء يوم القيامة أنا وهو وضم أصابعه. (م 8/ 38
جاء الإسلامُ باجتِثاثِ كَثيرٍ مِن عاداتِ الجاهليَّةِ المنكَرةِ، ومِن ذلك أنَّه أَوْصى بالبَناتِ وحرَّمَ وَأْدَهنَّ وقَتْلَهنَّ، وبَذَر في قُلوبِ أتْباعِه المودَّةَ والرَّحمةَ لهنَّ، ووَعَد على الإحسانِ إليهِنَّ وتَربيتِهنَّ الخيرَ كلَّه
وفي هذا الحديثِ يُخبِرُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنَّ مَن «عالَ جارِيتينِ»، أي: أَنفَقَ عَليهِما وقامَ بَمُؤنَتِهما، وأحسَنَ تَربيتَهما، والمُرادُ: بِنتَانِ صَغيرتانِ له، أو أَعمُّ مِن ذلكَ، وظلَّ على هذه الرِّعايةِ لهما والقيامِ بما يُصلِحُهما مِن النَّفقةِ، ونَظَر في أصلَحِ الأحوالِ لهما حتَّى تُدرِكا سِنَّ البُلوغِ، أو تَتزوَّجا، فمَن فَعَلَ ذلك، وقَصَدَ به وَجْهَ اللهِ تعالَى؛ فإنَّه يَأتي يَومَ القيامةِ مُصاحبًا للنَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ومُجاوِرًا له، وضَمَّ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ إصبَعَيْه؛ لِيُشيرَ إلى اقترانِه معه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وفي الصَّحيحينِ: «مَن يَلِي مِن هذه البناتِ شَيئًا، فأحسَنَ إليهنَّ؛ كُنَّ له سِترًا مِن النَّارِ»
والمرادُ بالحديثِ: أنَّ أجْرَ القيامِ على البَناتِ أعظَمُ مِن أجرِ القِيامِ على البَنينَ؛ إذْ لم يَذكُرْ مِثلَ ذلك في حقِّهم؛ وذلك لأجلِ أنَّ مُؤنَةَ البناتِ والاهتمامَ بأمورِهنَّ أعظَمُ مِن أمورِ البَنينَ؛ لأنهنَّ عَوْراتٌ لا يُباشِرْنَ أُمورَهنَّ، ولا يتَصرَّفنَ تَصرُّفَ البَنينَ، وكذلك لأنَّهنَّ لا يتَعلَّقُ بهنَّ طمَعُ الأبِ بالاستِقْواءِ بِهنَّ على الأعداءِ، وإحياءِ اسْمِه واتِّصالِ نَسَبِه، وغيرِ ذلك، كما يتَعلَّقُ بالذَّكَرِ؛ فاحتِيجَ في ذلكَ إلى الصَّبرِ والإخلاصِ مِن المنفِقِ عليهِنَّ مع حُسْنِ النِّيَّةِ؛ فعَظُمَ الأجرُ، فكان رَفيقَ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يوْمَ القيامةِ
وفي الحديثِ: فَضلُ الإنفاقِ عَلى العيالِ، ولا سيَّما البَناتُ
- 39)