باب في التشديد في ترك الجماعة
حدثنا النفيلي، حدثنا أبو المليح، حدثني يزيد بن يزيد، حدثني يزيد بن الأصم، قال: سمعت أبا هريرة، يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لقد هممت أن آمر فتيتي فيجمعوا حزما من حطب، ثم آتي قوما يصلون في بيوتهم ليست بهم علة فأحرقها عليهم»، قلت ليزيد بن الأصم: يا أبا عوف الجمعة عنى أو غيرها؟ قال: صمتا أذناي إن لم أكن سمعت أبا هريرة يأثره عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ما ذكر جمعة ولا غيرها
صلاة الفجر وصلاة العشاء لهما خصوصية عظيمة في الفضل؛ حيث تنفي المواظبة عليهما آفة النفاق من القلب؛ فقد بين النبي صلى الله عليه وسلم أنهما أثقل الصلاة على المنافقين، حيث يقول في هذا الحديث: "إن أثقل صلاة على المنافقين صلاة العشاء، وصلاة الفجر"، أي: إن أصعب وأشد صلاة في المواظبة عليها، والحفاظ على أدائها، عند المنافقين: صلاتا العشاء والفجر، "ولو يعلمون ما فيهما لأتوهما"، أي: ولو يعلمون ما فيهما من الأجر والثواب لجاؤوا يحضرونهما، "ولو حبوا"، أي: ولو زحفا، "ولقد هممت"، أي: كدت أفعل، "أن آمر بالصلاة فتقام"، أي: آمر رجلا يقيم الصلاة، "ثم آمر رجلا فيصلي بالناس"، أي: آمر رجلا أن يصلي إماما بالناس بدلا مني، "ثم أنطلق معي برجال"، أي: ثم آخذ رجالا، وأنطلق بهم، "معهم"، أي: مع هؤلاء الرجال، "حزم"، والحزم جمع حزمة، وهي ما يجمع في رباط واحد، "من حطب"، الحطب هو الخشب اليابس، الذي يستخدم كوقود في الإشعال، "إلى قوم لا يشهدون الصلاة"، أي: فأذهب بهؤلاء الرجال الذين معهم حزم الحطب إلى أولئك الذين لا يشهدون صلاة الجماعة في المسجد، "فأحرق عليهم بيوتهم بالنار"، أي: فأشعل النار في بيوت الذين لا يشهدون صلاة الجماعة
وفي الحديث: أن الحفاظ على صلاة العشاء والفجر سلامة من النفاق
وفيه: الحث على شهود صلاة الجماعة، والتحذير من تركها
وفيه: أن ترك صلاة العشاء والفجر من صفات المنافقين