باب في الصلاة تقام ولم يأت الإمام ينتظرونه قعودا
حدثنا مسلم بن إبراهيم، وموسى بن إسماعيل قالا: حدثنا أبان، عن يحيى، عن عبد الله بن أبي قتادة، عن أبيه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إذا أقيمت الصلاة فلا تقوموا حتى تروني»، قال أبو داود: هكذا رواه أيوب، وحجاج الصواف، عن يحيى، وهشام الدستوائي، قال: كتب إلي يحيى، ورواه معاوية بن سلام، وعلي بن المبارك، عن يحيى، وقالا فيه: «حتى تروني وعليكم السكينة»
الصلاة هي لقاء المؤمن بربه سبحانه وتعالى؛ ففيها استشعار بحال الوقوف بين يدي الله تعالى، وقد علمنا نبينا صلى الله عليه وسلم آداب القيام إليها، كما في هذا الحديث، حيث ينهى النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه رضي الله عنهم عن القيام إلى الصلاة حتى يروه، والمراد أن ذلك يكون في صلاة الجماعة وحال انتظار المأموم للإقامة؛ حتى تكون الإقامة متصلة بالصلاة، والمراد برؤيته صلى الله عليه وسلم: هو تجهزه وإرادته الصلاة، والنهي عن القيام قبل أن يروه؛ لئلا يطول عليهم القيام، ولأنه قد يعرض له عارض فيتأخر بسببه. والأصل أن المأموم يقوم عند سماعه للإقامة، وأن المقيم لا يشرع في الإقامة حتى يأذن الإمام بها، أو حال رؤيته إياه؛ ففي صحيح مسلم عن جابر بن سمرة رضي الله عنه، قال: «كان بلال يؤذن إذا دحضت، فلا يقيم حتى يخرج النبي صلى الله عليه وسلم، فإذا خرج أقام الصلاة حين يراه»، دحضت، أي: الشمس، يقال: دحضت الشمس عن بطن السماء: إذا زالت عن وسط السماء إلى جهة الغرب.ثم أمرهم النبي صلى الله عليه وسلم بالسكينة والطمأنينة حال قيامهم إلى الصلاة؛ لأنها لازمة عند الوقوف بين يدي الله سبحانه وتعالى، والتحلي بالسكينة يستلزم ترك الاستعجال والسرعة عند القيام وإتيان الصلاة