باب في الليل ساعة يستجاب فيها
بطاقات دعوية
عن جابر - رضي الله عنه - قال سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول إن في الليل ساعة لا يوافقها رجل مسلم يسأل الله خيرا من أمر الدنيا والآخرة إلا أعطاه إياه وذلك كل ليلة. (م 2/ 175)
في اللَّيلِ أوْقاتٌ تَصْفو فيها النُّفوسُ، وتَطيبُ فيها العِبادةُ، ويُستَجابُ فيها الدُّعاءُ، خصَّها اللهُ تعالَى بمَزيدِ الفَضلِ على عبادِه، وأفاضَ الخيرَ على مَن طلَبَه
وفي هذا الحَديثِ يُخبِرُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ »أنَّ في اللَّيلِ لَساعَةً»، وهو الوقتُ المحدَّدُ، والتَّنكيرُ يُفيدُ أنَّ شأنَها عَظيمٌ يَنبَغي الترقُّبُ لها، واغتِنامُ الفُرصةِ لإدْراكِها، وَهيَ ساعةٌ مُبهَمةٌ كَساعةِ الجُمُعةِ، وقيلَ: إنَّ أرْجَى وَقتِها في الثُّلُثِ الأخيرِ منَ اللَّيلِ الَّذي يَنزِلُ فيه اللهُ تعالَى إلى السَّماءِ الدُّنيا نُزولًا يَليقُ بجَلالِه لا يُشبهُ نُزولَ المَخْلوقينَ، ويقولُ -كما في الصَّحيحَينِ-: «مَن يَدْعوني فأستَجيبَ له». وقيلَ: الحِكمةُ مِن إخْفائِها: الحثُّ على المُبالَغةِ في الاجتِهادِ لِتَحصيلِ المُرادِ في اللَّيلِ كُلِّهِ، وعدمِ الاقتِصارِ على العِبادةِ في وَقتٍ دُونَ وَقتٍ
وعدمِ اليَأسِ من فَواتِ الخَيرِ
فهذه السَّاعةُ لا يُصادِفُها رَجلٌ مُسلمٌ -وقولُه: «رَجلٌ» يشمَلُ الذَّكرَ والأُنْثى- وهو يَدْعو ويَسألُ اللهَ خَيرًا مِن أمرِ الدُّنيا وَالآخِرةِ؛ إلَّا استَجابَ له وأعْطاهُ ما طلَبَه، والخيرُ هو كلُّ ما فيه مَنفعةٌ عاجلةٌ أو آجِلةٌ في الدِّينِ أوِ الدُّنيا
ولا يُلامُ عليه الإنْسانُ في الآخِرةِ
ووجودُ هذه السَّاعةِ ثابِتٌ كُلَّ لَيلةٍ من ليالي الدَّهرِ، ولا يختَصُّ ببعضِ اللَّيالي، بل كائنٌ في جميعِها، وهذا مِن عَظيمِ فضْلِ اللهِ تعالَى وجَزيلِ عَطاياهُ
وفي الحَديثِ: الحَثُّ عَلى الدُّعاءِ في اللَّيلِ، وتَحرِّي تِلكَ السَّاعةِ فيه وَالِاجتِهادِ فيها
وفيه: إثْباتُ ساعةِ الإجابةِ في كلِّ ليلةٍ