باب في المؤاخاة بين أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - 1
بطاقات دعوية
عن أنس - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - آخى بين أبي عبيدة بن الجراح وبين أبي طلحة. (م 7/ 183
كان مِن أوائلِ الأُمورِ الَّتي أسَّسَها النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في المدينةِ هو عَقدُ المؤاخاةِ بيْنَ المهاجِرِين الَّذين تَرَكوا دِيارَهم وأموالَهم نُصرةً لدِينِ اللهِ وبيْنَ الأنصارِ الَّذين ضَرَبوا أروعَ الأمثلةِ في الإيثارِ والتَّعاوُنِ.
وفي هذا الحديثِ يُخبِرُ أنسُ بنُ مالكٍ رَضيَ اللهُ عنه أنَّ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ آخَى بَيْنَ أبي عُبَيْدةَ بنِ الجرَّاحِ -وهو مِن المهاجِرين وأحدُ العشَرةِ المبشَّرِين بالجنَّةِ، وأمينُ هذه الأُمَّةِ- وبيْنَ أبي طَلحةَ زيدِ بنِ سَهلٍ الأنصاريِّ، وهو زوجُ أُمِّ سُلَيْمٍ أُمِّ أنسٍ رَضيَ اللهُ عنهم، والمؤاخاةُ: أنْ يَتعاقَدَ الرَّجُلانِ على التَّناصُرِ والمُواساةِ والتَّوارُثِ حتَّى يَصيرَا كَالأخوَيْنِ نَسَبًا، وقدْ آخى النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بيْنَ أصحابِه في أوَّلِ الأمرِ؛ لِيُذهَبَ عنهم وَحْشةَ الغُربةِ، ويَشُدَّ بعضُهم أزْرَ بَعضٍ، فلمَّا عَزَّ الإسلامُ، واجتَمَعَ الشَّملُ، وذَهَبت الوحشةُ؛ أبطَلَ الإرثَ بالأخوَّةِ، ونزَلَ قَولُ اللهِ تَعالَى: {وَأُولُوا الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ} [الأنفال: 75]، فنُسِخَ التَّوارثُ بيْنَ المهاجِرِينَ والأنصارِ، وجَعَل المؤمِنينَ كلَّهم إخوةً، يعني في التَّوادِّ والتَّعاونِ على الحقِّ؛ حيثُ قال تَعالَى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ} [الحجرات: 10].