باب في النميمة

بطاقات دعوية

باب في النميمة

 عن عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - قال إن محمدا - صلى الله عليه وسلم - قال ألا أنبئكم ما العضه هي النميمة القالة بين الناس وإن محمدا - صلى الله عليه وسلم - قال إن الرجل يصدق حتى يكتب صديقا ويكذب حتى يكتب كذابا. (م 8/ 28 - 29)

حَثَّ الشَّرعُ على مَكارمِ الأخلاقِ ونَهى عن مَساوئِها، والمسْلمُ الحقُّ يُحاوِلُ أنْ يَتَّصِفَ بمَعالي الأخلاقِ ويَعْلوَ بنَفسِه فيها درَجاتٍ، ويَبتعِدَ قَدْرَ استطاعتِه عن الأخلاقِ الذَّميمةِ والسَّيِّئةِ؛ لِيَكونَ بذلكَ داعيًا إلى اللهِ بأقوالِه وأفعالِه وسُلوكِه
وفي هذا الحديثِ يَرْوي عبْدُ اللهِ بنُ مَسعودٍ رَضيَ اللهُ عنه أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قالَ لأَصحابِه: «أَلا أُنبِّئَكم ما العَضْهُ؟» وقد رُويتْ هذه اللَّفظةُ على وجهين: (العَضْه) كالوَجْه، و(العِضَةُ) كالعِدَةِ، ثُمَّ أَجاب صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عَن سُؤالِه، وقال: «هي النَّميمةُ، القالَةُ بيْنَ النَّاس»، والمعنى: نقْلُ كَلامِ الغيرِ بقَصْدِ الإضرارِ وإيقاعِ الخِلافِ والوَقِيعةِ بيْن النَّاسِ، وهو مِن الكبائرِ؛ لأنَّه كشْفُ ما يُكرَهُ كَشْفُه، سواءٌ كَرِهَه المنقولُ عنه، أو المنقولُ إليه، أو ثالثٌ، وسواءٌ كان بقَولٍ، أو كِتابةٍ، أو رمْزٍ، أو إيماءٍ، وسواءٌ كان عَيبًا، أو نقْصًا على المنقولِ عنه، أوْ لا، بلْ حَقيقةُ النَّميمةِ إفشاءُ السِّرِّ، وهتْكُ السِّترِ عمَّا يُكرَهُ كَشْفُه
ثُمَّ يُخبِرُ عبْدُ اللهِ بنُ مَسعودٍ رَضيَ اللهُ عنه أنَّ النَّبيَّ مُحمَّدًا صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قالَ: «إنَّ الرَّجُلَ يَصدُقُ» والصِّدقُ: مُطابَقةُ القولِ لِما في الضَّميرِ ومُطابقةُ المخبَرِ عنه معًا، فالرَّجلُ يَصدُقُ معَ اللهِ، ثُمَّ معَ النَّاسِ ويَتكرَّرُ منه الصِّدقُ، حتَّى يَستحِقَّ اسمَ المبالَغةِ في الصِّدقِ، فيُكتَبَ عندَ اللهِ صِدِّيقًا كَثيرَ الصِّدقِ بقَولِه واعتقادِه، وحَقَّق صِدْقَه بفِعلِه. والمرادُ بالكتابةِ: الحُكمُ عليه بذلك، وإظهارُه للمَخلوقِين في الملأِ الأعلى، وإلقاءُ ذلكَ في قُلوبِ أهلِ الأرضِ، وأنَّ الرَّجلَ يَكذِبُ، معَ اللهِ ثُمَّ معَ النَّاسِ حتَّى يُكتَبَ عندَ اللهِ كَذَّابًا، فيُظهِرُ اللهُ ذلك للمَخلوقِين في الملأِ الأعلى، ويُلقى هذا الوصفُ عن الكذَّابِ في قُلوبِ أهلِ الأرضِ
وفي الحديثِ: التَّحذيرُ والنَّهيُ عن النَّميمةِ
وفيه: التَّحذيرُ والنَّهيُ عن الكذِبِ
وفيه: الحثُّ على الصِّدقِ، وأنَّ الصَّادقَ يَستحِقُّ أنْ يُوصَفَ بالصِّدِّيقيَّةِ