باب في اليقين و التوكل 2
بطاقات دعوية
عن ابن عباس رضي الله عنهما أيضا : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يقول : (( اللهم لك أسلمت ، وبك آمنت ، وعليك توكلت ، وإليك أنبت ، وبك خاصمت. اللهم أعوذ بعزتك؛ لا إله إلا أنت أن تضلني، أنت الحي الذي لا تموت، والجن والإنس يموتون )) متفق عليه، وهذا لفظ مسلم واختصره البخاري.
الدعاء هو العبادة، وقد حثنا ربنا سبحانه على دوام الدعاء، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم القدوة في تطبيق ذلك وتعليمه لنا، فكان يجتهد في دعائه لله عز وجل
وفي هذا الحديث يروي عبد الله بن عباس رضي الله عنهما أنه صلى الله عليه وسلم كان يقول في دعائه: «اللهم لك أسلمت» والمراد: الاستسلام والانقياد لله والخضوع له، «وبك آمنت» والمراد: التصديق والإقرار بالله تعالى واليقين بكل ما أخبر به وما أمر به وما نهى عنه، «وعليك توكلت» أي: اعتمدت عليك في جميع أموري لتدبرها؛ فإني لا أملك نفعها ولا ضرها، «وإليك أنبت»، والإنابة هي الطاعة والرجوع لله بالتوبة في ذل وضعف، «وبك خاصمت»، أي: بعونك أحتج وأدافع وأقاتل كل من يعاديك، «اللهم إني أعوذ» أي: ألتجئ وأعتصم، «بعزتك -لا إله إلا أنت- أن تضلني»، أي: أعوذ بارتفاع قدرك على سائر المخلوقات، وتفردك بالألوهية ألا تجعل لأحد علي سبيلا فيكون سببا في ضلالي، وابتعادي عن الطريق المستقيم، «أنت الحي الذي لا يموت»، وهذا تنزيه لله عز وجل عن الموت والفناء؛ لأن الموت صفة نقص، وقوله: «والجن والإنس يموتون» تأكيد منه صلى الله عليه وسلم على أن صفة الحياة لله عز وجل وحده، حتى المخلوقات العاقلة لازم في حقها الموت، ولعل سر إيراد هذا الثناء على الله عز وجل من رسول الله صلى الله عليه وسلم في نهاية هذا الدعاء: هو التأكيد على أن الله هو وحده الحي الذي لا يموت، ومن كان متصفا بمثل هذا الكمال من الديمومة والحياة الكاملة: حقيق ألا يدعى غيره، وألا يرجى سواه
وفي الحديث: إثبات صفات العزة، والوحدانية، والألوهية لله عز وجل، وأنه الحي الذي لا يموت
وفيه: مواظبته صلى الله عليه وسلم على الذكر، والدعاء، والثناء على ربه، والاعتراف له بحقوقه، والإقرار بصدق وعده ووعيده
وفيه: تقديم الثناء على المسألة عند كل مطلوب
وفيه: الإيمان بصفات الله الكاملة التي لا يستحقها غيره