باب في حديث الإفك وقبول توبة القاذف

بطاقات دعوية

باب في حديث الإفك وقبول توبة القاذف

حديث عائشة، زوج النبي صلى الله عليه وسلم، حين قال لها أهل الإفك ما قالوا
قالت عائشة: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أراد سفرا، أقرع بين أزواجه فأيهن خرج سهمها، خرج بها رسول الله صلى الله عليه وسلم معه قالت عائشة: فأقرع بيننا في غزوة غزاها فخرج فيها سهمي فخرجت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد ما أنزل الحجاب فكنت أحمل في هودجي، وأنزل فيه فسرنا، حتى إذا فرغ رسول الله صلى الله عليه وسلم من غزوته تلك، وقفل دنونا من المدينة قافلين، آذن ليلة بالرحيل فقمت، حين آذنوا بالرحيل، فمشيت حتى جاوزت الجيش فلما قضيت شأني، أقبلت إلى رحلي، فلمست صدري، فإذا عقد لي، من جزع ظفار، قد انقطع فرجعت، فالتمست عقدي

ضرب النبي صلى الله عليه وسلم المثل الأعلى في العدل بين زوجاته، وتنظيمه للعلاقات الأسرية عند تعدد الزوجات
وفي هذا الحديث تروي أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا أراد السفر، «أقرع بين نسائه» ليختار من تخرج منهن معه، وإنما كان النبي صلى الله عليه وسلم يفعل ذلك مبالغة في تطييب قلوبهن، و«القرعة»: أن تكتب الأسماء في أشياء ويتم اختيار أحد الأسماء، «فطارت القرعة»، أي: وقعت القرعة على عائشة وحفصة رضي الله عنهما، فخرجتا معه جميعا، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك السفر «إذا كان بالليل سار مع عائشة يتحدث معها»، وذلك لزيادة حبه لها أو على عادة المسافرين يتكلمون حتى تقطع المسافة، والظاهر أن الحديث كان مع عائشة دائما دون حفصة؛ ولذلك احتالت حفصة رضي الله عنها، فقالت لعائشة: «ألا تركبين الليلة بعيري وأركب بعيرك، فتنظرين وأنظر؟» حيلة منها تمت لها على عائشة لصغر سن عائشة، فوافقت عائشة رضي الله عنها، وكأن عائشة رضي الله عنها فعلت ذلك لما شوقتها إليه حفصة من النظر إلى ما لم تكن هي تنظر، «فركبت عائشة على بعير حفصة، وركبت حفصة على بعير عائشة» وكانت النساء تركب في هودج مغطى محمول على ظهر الجمل ولا تظهر المرأة بداخله ولا يراها من يقترب منها، «فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم» على عادته في هذا السفر، «إلى جمل عائشة، وعليه حفصة، فسلم» رسول الله صلى الله عليه وسلم على الراكبة، «ثم سار معها» يتحدث معها «حتى نزلوا» آخر الليل للراحة «فافتقدته عائشة» في تلك الليلة، «فغارت» على كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم مع حفصة وسيره معها، وتلك كانت من عادة نسائه صلى الله عليه وسلم في حقه أنهن كن يغرن بعضهن من بعض في قربه من إحداهن، «فلما نزلوا» للراحة جعلت عائشة تضع «رجلها بين الإذخر»، والإذخر حشيش طيب الريح توجد فيه الهوام غالبا، كأنها لما عرفت أنها الجانية على نفسها فيما أجابت إليه حفصة، عاتبت نفسها على تلك الجناية، وكانت تقول: «يا رب، سلط علي عقربا أو حية تلدغني» وهذا دعاء بغير نية، حملتها عليه الغيرة، فهي غير مؤاخذة به، «رسولك ولا أستطيع أن أقول له شيئا»؛ فقد ندمت على ما صنعت، ولعلها خشيت أن يخبره الوحي، ويعاتبها النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك، ولا تجد له جوابا، وإنما لم تتعرض لحفصة لأنها هي التي أجابتها طائعة، فعادت على نفسها باللوم
وفي الحديث: إرشاد إلى ملاطفة الرجل أهله وزوجاته، وإشعارهن بحسن العشرة
وفيه: بيان كمال حسن عشرة النبي صلى الله عليه وسلم؛ حيث كان يقرع بين نسائه
وفيه: ثبوت الغيرة بين نساء النبي صلى الله عليه وسلم