باب في خروج المطلقة من بيتها إذا خافت على نفسها 1
بطاقات دعوية
عن فاطمة بنت قيس قالت قلت يا رسول الله زوجي طلقني ثلاثا وأخاف أن يقتحم علي قال فأمرها فتحولت. (م 4/ 200
شرَعَ اللهُ الطَّلاقَ إذا اخْتارَ الزَّوجانِ الفِراقَ بعدَ بذْلِ الوُسعِ في الصُّلحِ بينَهما، وجعَلَهُ ثَلاثَ تَطْليقاتٍ؛ حتَّى يُراجِعَ كُلٌّ مِنَ الزَّوجَيْنِ نفْسَهُ، وإلَّا كان الفِراقُ بيْنَهما في الطَّلْقةِ الثَّالثةِ، فلا تَحِلُّ له بَعدَ ذلك حتَّى تَنكِحَ زوجًا غيرَهُ، وقد نظَّمَ الإسْلامُ أيضًا الحُقوقَ والواجِباتِ بينَ الزَّوجَينِ بعدَ الطَّلاقِ، فأمَرَ اللهُ عزَّ وجلَّ المطلَّقةَ -سواءٌ أكانت رَجعيَّةً أو بائنةً- أنْ تَقضيَ العِدَّةَ في بَيْتِها، قال عزَّ وجلَّ: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ} [الطلاق: 1].
وفي هذا الحَديثِ تَرْوي فاطمةُ بنتُ قَيْسٍ رَضيَ اللهُ عنها أنَّها جاءَتْ إلى النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فقالتْ: «يا رسولَ اللهِ، زَوْجي طلَّقَني ثلاثًا» فكان الطَّلاقُ بائنًا لا رَجْعةَ فيه، «وأخافُ أنْ يُقْتَحَمَ عليَّ» وذلك مدَّةَ قضاءِ عدَّتِها في بيتِه، والاقْتحامُ: الدُّخولُ بِسُرعةٍ، والمَعنى: أنَّها تخافُ أنْ يَدخُلَ عليها أحدٌ فيُؤْذيَها؛ وذلك لأنَّها كانتْ في مَكانٍ مُوحشٍ، فأمَرَها النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فتَرَكَتْ هذا المكانَ، وذهَبَتْ إلى بَيتِ ابنِ عمِّها ابنِ أُمِّ مَكتومٍ؛ لأنَّه كان أعْمى وتَسطيعُ أنْ تَنزِعَ عنها ثيابَها دونَ أنْ يَراها، ولمَّا لم تعتَدَّ في بيتِ زَوجِها لَمْ يَجعَلْ لها رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ سُكْنى ولا نَفقةً مدَّةَ عدَّتِها.