باب في خير دور الأنصار رضي الله عنهم

بطاقات دعوية

باب في خير دور الأنصار رضي الله عنهم

حديث أبي أسيد رضي الله عنه، قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: خير دور الأنصار بنو النجار، ثم بنو عبد الأشهل، ثم بنو الحرث بن خزرج، ثم بنو ساعدة؛ وفي كل دور الأنصار خيرفقال سعد: مأ أرى النبي صلى الله عليه وسلم إلا قد فضل علينا فقيل: قد فضلكم على كثير

للأنصار رضي الله عنهم فضل كبير وباع عظيم في خدمة الإسلام؛ باحتضانهم النبي صلى الله عليه وسلم ومن معه من المسلمين ممن هاجر إليها، حتى إنهم قد قبلوا مقاسمة أموالهم وأزواجهم مع المهاجرين، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يحفظ لهم هذا الفضل
وفي هذا الحديث يقول النبي صلى الله عليه وسلم: "ألا أخبركم بخير دور الأنصار؟" والدار هي المحلة والمنزل، وعبر بها هنا عن القبائل وأهل الدور، وكانت كل قبيلة منها تسكن محلة، فتسمى تلك المحلة دار بني فلان، "قالوا: بلى يا رسول الله، قال: دار بني عبد الأشهل، وهم رهط سعد بن معاذ"، والمعنى أن من خير قبائل الأنصار بني عبد الأشهل؛ وذلك لأنهم من أوائل من أسلم من الأنصار على يد مصعب بن عمير لما أسلم زعيمهم وكبيرهم سعد بن معاذ، ومنهم فضلاء مثل سعد بن معاذ، وأسيد بن الحضير، وعباد بن بشر، "قالوا: ثم من يا رسول الله؟ قال: ثم بنو النجار" وهم أخوال النبي صلى الله عليه وسلم، وقد نزل بهم في أول قدومه إلى المدينة "قالوا: ثم من يا رسول الله؟ قال: ثم بنو الحارث بن الخزرج، قالوا: ثم من يا رسول الله؟ قال: ثم بنو ساعدة، فذكر النبي صلى الله عليه وسلم أن أفضل قبائل الأنصار والعشائر هو ما وقع على الترتيب في هذا الحديث، وكانت الأنصار تنقسم إلى قبيلتين الأوس والخزرج، وكان بنو النجار من الخزرج، وكان بنو عبد الأشهل من الأوس، وبنو الحارث من الخزرج، وكذلك بنو ساعدة، "قالوا: ثم من يا رسول الله؟ قال: (في كل دور الأنصار خير)، يعني: أن الخير والفضل في كل عشائر وقبائل الأنصار، وأن تفضيل بعض هذه القبائل على بعض إنما هو بحسب سبقهم للإسلام، وأفعالهم فيه، وتفضيلهم خبر من الشارع؛ فلا يقدم من أخر، ولا يؤخر من قدم
وهذا التفضيل شرف لهذه الدور؛ ولذلك حرص الحاضرون على الاستزادة من تفضيل النبي صلى الله عليه وسلم لعله يذكر دورهم وعشائرهم، فعمم النبي صلى الله عليه وسلم الخير في كل دور الأنصار حتى يرضى الجميع
"فبلغ ذلك سعد بن عبادة، فقال: ذكرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم آخر أربعة أدور" وكأنه رأى أن التأخير في الذكر منقصة لهم، وكانت العرب تحب التقديم في الذكر، ثم قال سعد: "لأكلمن رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك" أراد أن يراجع النبي صلى الله عليه وسلم في تأخير بني الحارث بن الخرزج، وهو منهم، "فقال له رجل: أما ترضى أن يذكركم رسول الله صلى الله عليه وسلم آخر الأربعة؟! فوالله لقد ترك رسول الله صلى الله عليه وسلم من الأنصار أكثر ممن ذكر" بمعنى أن مجرد ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم لكم هو فضل وخير في ذاته؛ سواء كان مقدما أو مؤخرا، وهو أيضا فضل وخير على من لم يسميهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، "قال: فرجع سعد" استجاب لنصيحة الرجل الذي تكلم معه بهذا المعنى
وكأن غضب سعد بن عبادة بادرة أصدرها عنه لمنافسته في الخير، وحرصه على تحصيل الثواب والأجر؛ فلما نبه على ما ينبغي له سلم السبق لأهله، وشكر الله تعالى على ما آتاه من فضله ورضي
وقد اختلفت الروايات في تقديم بني النجار، وبني عبد الأشهل، فقيل: أن الأولى تقديم بني النجار لقرابتهم من رسول الله صلى الله عليه وسلم
وفي الحديث: بيان منقبة أهل المدينة
وفيه: تفضيل بعض المعينين على بعض، من القبائل والأشخاص بغير مجازفة، ولا هوى، ولا يكون هذا غيبة