باب في ذكر زكريا عليه السلام
بطاقات دعوية
عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال كان زكرياء نجارا. (م 7/ 103
العملُ شَرفٌ للعاملِ؛ إذْ به يَتكسَّبُ مَعاشَه، ويَتعفَّفُ عن سُؤالِ النَّاسِ، بلْ يَطلُبُ رِزقَه مِن اللهِ بالأخذِ بالأسبابِ، وقدْ كان لِكُلِّ نَبيٍّ صنْعَةٌ يَعملُ فيها ويَبتَغي رِزقَ اللهِ مِنها، وَمِن هَؤلاءِ الأَنبياءِ نَبيُّ اللهِ زَكريَّا عليه السَّلامُ؛ حيثُ كان يَعمَلُ نَجَّارًا، والنَّجَّارُ هو مَن يَنحِتُ الأخشابَ ويُشكِّلُها، ويَتَّخِذُ النَّاسُ منها حاجتَهم، كالأسِرَّةِ والأبوابِ ونحوِها، وقدْ كان زَكريَّا عليه السَّلامُ مِن ذُرِّيَّةِ سُليمانَ بنِ داودَ عليهما السَّلامُ، وَزوجتُه مِن ذُرِّيَّةِ هارونَ عليه السَّلامُ، وهي أُختُ امرأةِ عِمرانَ أُمِّ مَريمَ، فكانت زَوجةُ زكَريَّا عليه السَّلامُ خالةً لمَريمَ عليها السَّلامُ، ومع هذا النَّسبِ الشَّريفِ والمكانةِ العاليةِ عندَ اللهِ، فقدْ كان يَعمَلُ بيَدِه، وقدْ قُتِل زَكريَّا بعْدَ قَتلِ يَحْيى ابنِه صَلواتُ اللهِ وسَلامُه عليهما.
وهذه الحِرَفُ والصِّناعاتُ زِيادةٌ في فَضيلةِ أهلِ الفضلِ، يَحصُلُ لهم بذلك التَّواضُعُ في أنفُسِهم، والاستغناءُ عن غَيرِهم، وكَسبُ الحلالِ الخالي عن الامتنانِ الَّذي هو خَيرُ المكاسِبِ؛ حيث قال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: «ما أكَلَ أحدٌ طعامًا قطُّ خَيرًا مِن أنْ يَأكُلَ مِن عَملِ يَدِه، وإنَّ نَبيَّ اللهِ داودَ عليه السَّلامُ، كان يَأكُلُ مِن عَملِ يَدِه» رواهُ البُخاريُّ.
وفي الحديثِ: أنَّ النِّجارةَ لا تُسقِطُ المُروءةَ، وأَنَّها صَنعةٌ فاضلَةٌ.
وفيه: فَضيلَةُ زَكريَّا عليه السَّلامُ؛ فإنَّه كان صانعًا يَأكُلُ مِن كَسبِه.
وفيه: تَحريضٌ على الكسبِ الحلالِ.