باب في صلاة القاعد
حدثنا مسدد، حدثنا حماد بن زيد، قال: قال: سمعت بديل بن ميسرة، وأيوب، يحدثان عن عبد الله بن شقيق، عن عائشة، قالت: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي ليلا طويلا قائما، وليلا طويلا قاعدا، فإذا صلى قائما، ركع قائما، وإذا صلى قاعدا، ركع قاعدا»
كان نبينا صلى الله عليه وسلم أحسن الناس عبادة لربه وقياما بين يديه سبحانه، وقد كان الصحابة رضي الله عنهم يحرصون على التعلم من النبي صلى الله عليه وسلم وأخذ سنته، والعمل بها وتبليغها لمن بعدهم
وفي هذا الحديث يروي التابعي عبد الله بن شقيق أنه سأل أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها عن كيفية صلاة النبي صلى الله عليه وسلم للنافلة، فأخبرته أنه صلى الله عليه وسلم كان يصلي أربع ركعات سنة الظهر القبلية في بيته صلى الله عليه وسلم، ثم يخرج إلى المسجد، فيصلي بالناس صلاة الظهر، ثم يدخل إلى بيته بعد الفراغ من صلاة الظهر فيصلي ركعتين، ولم تذكر صلاة العصر، ولعل ذلك لكونها بصدد بيان السنن المؤكدة التي ترتبط بالصلوات المفروضة، سواء كانت قبلية أم بعدية
وكان صلى الله عليه وسلم يصلي بالناس صلاة المغرب ولا يصلي قبلها، ثم بعد أن يفرغ من صلاة المغرب يعود إلى بيته، فيصلي ركعتين سنة المغرب، وكان صلى الله عليه وسلم يصلي صلاة العشاء ولا يصلي قبلها، ثم يدخل بيته بعد فراغه من صلاة العشاء، فيصلي ركعتين سنة العشاء
وكان يقوم الليل بتسع ركعات، يكون منهن الوتر، وهو آخر صلاة يصليها المسلم بعد التنفل في صلاة الليل، وقد صح عنها أنه كان يصلي إحدى عشرة ركعة، وصح أيضا أنه يصلي ثلاث عشرة
وكان صلى الله عليه وسلم في صلاته بالليل أحيانا يصلي قائما وأحيانا قاعدا، وقولها: «ليلا طويلا»، أي: وقتا طويلا من الليل
وكان من صفة صلاته صلى الله عليه وسلم أيضا أنه إذا ابتدأ صلاته في الليل بالقراءة وهو قائم، فإنه صلى الله عليه وسلم يأتي بالركوع والسجود على صفته المعروفة؛ فينزل إلى الركوع، ثم يرجع قائما، وينزل إلى السجود، ثم يرجع قائما، وهكذا، وأنه صلى الله عليه وسلم إذا ابتدأ صلاته في الليل بالقراءة وهو قاعد، فإنه ينتقل إلى الركوع والسجود ولا يقوم إليهما، سواء قبل أن يشرع فيهما، أو بعد الانتهاء منهما.
وكان إذا دخل وقت صلاة الفجر صلى النبي صلى الله عليه وسلم ركعتين سنة الفجر، وفي رواية أبي داود: «ثم يخرج، فيصلي بالناس صلاة الفجر»
وفي الحديث: تنفل القاعد بغير عذر
وفيه: صلاة النافلة في البيت