باب في عطاء النبي - صلى الله عليه وسلم - وعظمه وكثرته

بطاقات دعوية

باب في عطاء النبي - صلى الله عليه وسلم - وعظمه وكثرته

عن ابن شهاب قال غزا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - غزوة الفتح فتح مكة ثم خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بمن معه من المسلمين فاقتتلوا بحنين فنصر الله دينه والمسلمين وأعطى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يومئذ صفوان بن أمية مائة من النعم ثم مائة ثم مائة قال ابن شهاب حدثني سعيد بن المسيب أن صفوان قال والله لقد أعطاني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما أعطاني وإنه لأبغض الناس إلي فما برح يعطيني حتى إنه لأحب الناس إلي. (م 7/ 75)

خرَجَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ إلى فَتحِ مَكَّةَ في السَّنةِ الثَّامنَةِ منَ الهجرَةِ، ثُمَّ بعْدَ ما فَرَغ منه خَرجَ بمَنْ مَعه منَ المُسلمينَ والطُّلقاءِ الَّذين أسْلَموا يوْمَ الفتحِ مِن أهلِ مكَّةَ إلى حُنَينٍ، وهو وادٍ بيْنَ مكَّةَ والطَّائفِ، فاقْتَتَل المسْلِمون والكفَّارُ مِن قَبيلتَي هَوازنَ وثَقيفٍ في غَزوَةِ حُنينٍ، وكانتْ في السَّنةِ الثَّامنَةِ منَ الهجْرَةِ أَيضًا، فنَصَرَ اللهُ دينَه والمسلِمينَ، وأخَذوا غَنائمَ المشْرِكين وأَعطَى رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَومئذٍ صَفوانَ بنَ أُميَّةَ مائةً منَ النَّعَمِ -بفَتحِ النُّونِ- أيِ: الإِبلِ، ثُمَّ مائةً، ثُمَّ مائةً، فزادَه في العَطيَّةِ مرَّاتٍ مُتعدِّدةً مِن الإبلِ، فكَمَّل له ثلاثَ مائةٍ. وكان صَفوانُ أحدَ العشَرةِ الَّذين انْتَهى إليهم شَرفُ الجاهليَّةِ، وهَرَب يوْمَ فَتحِ مكَّةَ، وأسلَمَتِ امرأتُه فاخِتةُ بنتُ الوليدِ بنِ المغيرةِ، فأحضَرَ له ابنُ عَمِّه عُمَيرُ بنُ وَهبٍ أمانًا مِن النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فحَضَر وَقْعةَ حُنَينٍ قبْلَ أنْ يُسلِمَ، وإنَّما أعطاهُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ هذا المالَ لِما يَرْجوه مِن الخيرِ لهذا المشْركِ -إنْ أسلَمَ- ولِمَن وَراءه لِيُسلِموا؛ ولذلك لَمَّا أخَذَ صَفوانُ هذه الإبلَ حَلَفَ باللهِ أنَّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ حِين أَعطاه ما أَعطاهُ مِن المالِ، كانَ أَبغَضَ النَّاسِ إلى صَفوانَ، فَما بَرِحَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يُعطيهِ مرَّةً بعْدَ مرَّةٍ حتَّى إِنَّه أصبَحَ أَحَبَّ النَّاسِ إلى صَفوانَ.
وفي الحديثِ: إِعطاءُ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ المُؤلَّفَةَ قُلوبُهم تَرغيبًا لهم في الإسلامِ.
وفيه: فَضلُ العَطاءِ والكَرمِ وأنَّه مِن أَعظمِ الأَساليبِ الَّتي تُرغِّبُ النَّاسَ في قَبولِ الدَّعوةِ.
وفيه: كَرمُ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وعَدمُ خَشيَتِه الفَقرَ.