باب في فضائل عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها زوج النبي صلى الله عليه وسلم 7

بطاقات دعوية

باب في فضائل عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها زوج النبي صلى الله عليه وسلم 7

 عن عائشة - رضي الله عنها - أنها سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول قبل أن يموت وهو مسند إلى صدرها وأصغت إليه وهو يقول اللهم اغفر لي وارحمني وألحقني بالرفيق (5). (م 7/ 137

الأنبياءُ صَلواتُ اللهِ عليهم حِينَ يَحضُرُهُمُ المَوتُ، يُعامَلونَ بِطريقَةٍ تَختلِفُ عَن مُعامَلةِ بَقيَّةِ البَشرِ؛ فإنَّهُم يُخيَّرونَ بيْنَ أنْ يَموتوا وبيْنَ أنْ يَبقَوا على ظَهرِ الحَياةِ.
وفي هذا الحديثِ تُخبرُ أمُّ المُؤمِنينَ عائشةُ رَضِيَ اللهُ عنها أنها سمعت رَسولَ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وهو في مَرَضِ مَوتِه، وكان صلَّى اللهُ عليه وسلَّم مستندًا إلى صَدْرِها، كما في روايةٍ عند البخاريِّ؛ يقولُ: «اللَّهُمَّ اغفِرْ لي وارحَمْني وأَلحِقْني بالرَّفيقِ»، وفي رواياتٍ أُخرى في الصَّحيحَينِ زيادة: «الأعْلى»، وسُؤالُه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم المغفرةَ والرَّحمةَ مع كونِه مَغفورًا له إمَّا على سَبيلِ التَّواضُع والهَضْمِ لنفْسِه؛ إجلالًا وتَعظيمًا لربِّه، أو على سَبيلِ التَّعليمِ لأُمَّتِه؛ لتَقتدِيَ به.
والرَّفيقُ الأعْلى: الَّذينَ أنْعَمَ اللهُ علَيهم مِن النَّبيِّينَ والصِّدِّيقينَ والشُّهداءِ والصَّالحينَ، وحَسُنَ أولئك رَفيقًا. وقيلَ: الجَنَّةُ. وقيلَ: الأنبياءُ الَّذينَ يَسكُنونَ أعْلى عِلِّيِّينَ.
وليس في دُعاءِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم هذا تَمَنٍّ للموتِ؛ وإنَّما هو رِضًا به عندَ مَجيئِه، وقد ورد في الصَّحيحَينِ أنَّ الأنبياءَ صَلواتُ اللهِ عليهم لا يُقبَضونَ عندَ انتهاءِ آجالِهم حتَّى يُخَيَّرُوا؛ إكرامًا لهم، وتَعظيمًا لِشأنِهم، ولنْ يَختاروا لأنفُسِهم إلَّا ما يَختارُه اللهُ لهم، فلمَّا خُيِّرَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عندَ انتهاءِ أجَلِه، اختارَ ما اختارَه اللهُ له، ورَضِي بالموتِ بعْدَ التَّخييرِ لا ابتداءً، فإنَّما قال ذلك بعْدَ أنْ علِم أنَّه ميِّتٌ برؤيةِ الملائكة المبشِّرةِ له عن ربِّه بالسُّرور الكامِل؛ ولذلك قال لِفاطمةَ ابنتِه رضِيَ الله عنها -كما في صحيحِ البُخاريِّ-: «ليس على أبيكِ كَربٌ بعد اليَومِ».
وقد مات رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يَومَ الاثنينِ في الثَّاني عَشَرَ مِن رَبيعٍ الأوَّلِ، من العامِ الحاديَ عَشَرَ مِنَ الهِجرةِ، وقد تَمَّ له صلَّى اللهُ عليه وسلَّم مِنَ العُمُرِ 63 سَنَةً.
وفي الحَديثِ: فَضلُ أمِّ المُؤمِنينَ عائشةَ رَضِيَ اللهُ عنها ومَنزِلَتُها.
وفيه: بيانُ أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كَغَيرِه مِن البَشرِ؛ يَمرَضُ ويَجوعُ، ويَعطَشُ ويَبرُدُ.