باب في فضائل فاطمة عليها السلام بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم 2
بطاقات دعوية
عن عائشة - رضي الله عنها - قالت كن أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - عنده لم يغادر منهن واحدة فأقبلت فاطمة - رضي الله عنها - تمشي ما تخطئ مشيتها من مشية رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شيئا فلما رآها رحب بها فقال مرحبا بابنتي ثم أجلسها عن يمينه أو عن شماله ثم سارها فبكت بكاء شديدا فلما رأى جزعها سارها الثانية فضحكت فقلت لها خصك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من بين نسائه بالسرار ثم أنت تبكين فلما قام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سألتها ما قال لك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قالت ما كنت لأفشي (1) على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سره قالت فلما توفي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قلت عزمت عليك بما لي عليك من الحق لما حدثتني ما قال لك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقالت أما الآن فنعم أما حين سارني في المرة الأولى فأخبرني أن جبريل كان يعارضه القرآن في كل سنة مرة أو مرتين (2) وإنه عارضه الآن مرتين وإني لا أرى الأجل إلا قد اقترب فاتقي الله واصبري فإنه نعم السلف أنا لك قالت فبكيت بكائي الذي رأيت فلما رأى جزعي سارني الثانية فقال يا فاطمة أما ترضي (3) أن تكوني سيدة نساء المؤمنين أو سيدة نساء هذه الأمة قالت فضحكت ضحكي الذي رأيت. (م 7/ 142 - 143
كانتْ فاطِمةُ رَضيَ اللهُ عنها أشبَهَ بَناتِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ به، وأحبَّهنَّ إليه.
وفي هذا الحَديثِ تَذكُرُ أمُّ المؤمِنينَ عائشةُ رَضيَ اللهُ عنها أنَّ فاطِمةَ أقْبَلَتْ آتيةً عليها، وهي تَمْشي كأنَّ هَيْئةَ مِشيَتِها مِشْيةُ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وكان ذلك في مَرضِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ الَّذي مات فيه، فلمَّا رَآها النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قال لها: «مَرْحبًا بابْنَتي»، وهذا مِن حُسنِ الاستِقْبالِ، ثمَّ أجلَسَها عن يَمينِه، أو عن شِماِله، ثمَّ أسرَّ إليها حَديثًا خاصًّا لا يَسمَعُه أحدٌ غَيرُها، فلمَّا سَمِعَتْه بكَتْ، فقالت عائشةُ: لِمَ تَبْكينَ؟ فلم تُجِبْها فاطِمةُ رَضيَ اللهُ عنها، ثمَّ أسرَّ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ إليها حَديثًا آخَرَ فضحِكَتْ، فقالت عائشةُ مُتعَجِّبةً: ما رأيْتُ فَرَحًا كفرَحٍ رَأَيتُه اليومِ؛ وذلك لأنَّه فَرَحٌ قَريبٌ مِن حُزنٍ! فسَأَلَتْها عمَّا قال لها النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فقالت فاطِمةُ: «ما كنْتُ لِأُفْشيَ سِرَّ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ»، فلمَّا مات صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، أعادَتْ عائشةُ سُؤالَها لفاطِمةَ، فقالت لها: إنَّه قال لها: «إنَّ جِبريلَ كان يُعارِضُني القُرآنَ كلَّ سَنةٍ مرَّةً، وإنَّه عارَضَني العامَ مرَّتينِ»، أي: إنَّه كان يُدارِسُه جَميعَ ما نزَل مِنَ القُرآنِ ويُراجِعُه معَه، وكان يَفعَلُ ذلك في كلِّ عامٍ مرَّةً، وقدْ فَعَل ذلك في هذا العامِ مرَّتَينِ، وفسَّرَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنَّ هذه إشارةٌ إلى مَوتِه هذا العامَ، وقال صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لابنَتِه فاطِمةَ سرًّا: «وإنَّكِ أوَّلُ أهلِ بَيْتي لَحاقًا بي»، أي: أوَّلُ مَن يَموتُ مِن آلِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بعْدَه، وكان هذا هو سَببَ بُكائِها رَضيَ اللهُ عنها، ثُمَّ قال لها صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: «أمَا تَرْضَينَ أنْ تَكوني سيَّدةَ أهلِ الجنَّةِ -أو نِساءِ المؤمِنينَ-؟». فضَحِكَتْ فاطِمةُ رَضيَ اللهُ عنها لَمَّا سَمِعَتْ هذه البِشارةَ مِن النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ.