باب في فضل عائشة رضي الله تعالى عنها
بطاقات دعوية
حديث عائشة، قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو صحيح يقول: إنه لم يقبض نبي قط حتى يرى مقعده من الجنة، ثم يحيا أو يخير فلما اشتكى، وحضره القبض، ورأسه على فخذ عائشة، غشي عليه فلما أفاق، شخص بصره نحو سقف البيت ثم قال: اللهم في الرفيق الأعلى فقلت: إذا لا يجاورنا فعرفت أنه حديثه الذي كان يحدثنا وهو صحيح
الأنبياء عليهم الصلاة والسلام حين يحضرهم الموت، يعاملون بطريقة تختلف عن معاملة بقية البشر؛ فإنهم يخيرون بين أن يموتوا وبين أن يبقوا على ظهر الحياة
وفي هذا الحديث تخبر أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل أن يمرض مرضه الذي مات فيه صلى الله عليه وسلم؛ يذكر أنه لم يمت نبي قط حتى يرى مقعده في الجنة، وما أعده الله له من الأجر في الجنة، فيبشر بذلك، ويكون مسرورا للقاء الله، ثم يترك له الأمر بين الانتقال إلى لقاء الله أو البقاء في الدنيا.
وتحكي أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها أنه لما اشتكى النبي صلى الله عليه وسلم، ومرض مرضه الأخير، وحضر أجله، ورأسه صلى الله عليه وسلم على فخذ أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها؛ غشي عليه، أي: أغمي عليه صلى الله عليه وسلم، فلما أفاق ارتفع بصره نحو سقف البيت، ثم دعا، وقال: «اللهم في الرفيق الأعلى»، والرفيق الأعلى: هم الذين أنعم الله عليهم من النبيين، والصديقين، والشهداء، والصالحين، وحسن أولئك رفيقا، وقيل: هو الجنة، وقيل: هم الأنبياء الذين يسكنون أعلى عليين
فلما سمعت ذلك أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، قالت: إذن لا يجاورنا، أي: لا يبقى معنا في الدنيا، وأن هذا مصداق ما كان يقوله صلى الله عليه وسلم وهو صحيح، وأنه صلى الله عليه وسلم خير، فاختار ما عند الله عز وجل، واختار أن يكون عند الله في الجنة، وفي رفقة الملأ الأعلى بدلا من البقاء في الدنيا، وكانت وفاته صلى الله عليه وسلم في السنة الحادية عشرة من الهجرة
وفي الحديث: عظم مكانة الأنبياء صلى الله عليهم وسلم عند ربهم
وفيه: فضل أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها ومنزلتها
وفيه: بيان أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كغيره من البشر؛ يمرض ويجوع، ويعطش، ويبرد