باب في قتل الأوزاغ 1

بطاقات دعوية

باب في قتل الأوزاغ 1

عن سعد بن أبي وقاص - رضي الله عنه -: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر بقتل الوزغ (1) وسماه فويسقا. (م 7/ 42

شَرَعَ الإسلامُ ما يَحفَظُ على المَرءِ حَياتَه وأمْوالَه مِن التَّلَفِ، ومِن ذلك أنَّه أقَرَّ قتْلَ بَعضِ الحَيواناتِ والطُّيورِ؛ لِما تُسبِّبُه مِن أذًى وضَرَرٍ على النَّاسِ.
وفي هذا الحَديثِ تُخبِرُ عائشةُ أمُّ المؤمنينَ رَضيَ اللهُ عنها أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ سَمَّى الوَزَغَ -وهو دَابَّةٌ زاحفةٌ تُشبِهُ التِّمساحَ في الشَّكلِ تَتسلَّقُ الجُدرانَ- بالفُوَيْسِقِ، تَصغيرُ فاسقٍ، مِنَ الفِسْقِ، وهو الخُروجُ؛ لخُروجِها عن مُعظمِ غيرِها مِن الحَشراتِ بالإيذاءِ والإفسادِ وزِيادةِ الضَّررِ والأذَى، وقدْ كانت أُمُّ المؤمنينَ عائشةُ رَضيَ اللهُ عنها لم تَسمَعِ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أَمَرَ بقَتْلِ الوَزَغِ، وقدْ سَمِعَه غيرُها كَثيرٌ مِثلُ سَعدِ بنِ أبي وَقَّاصٍ وغيرِه، والأمرُ بقَتلِه ورَدَ في أحاديثَ كَثيرةٍ؛ فأخبَرَ كلٌّ بما عَلِم.
وقد ورَدَ عن عائشةَ رَضيَ اللهُ عنها مِن وَجْهٍ آخَرَ صَحيحٍ عندَ النَّسائيِّ: «أنَّ امرأةً دَخَلَت عليها وبيَدِها عُكَّازٌ، فقالت: ما هذا؟ فقالت: لهذه الوَزَغِ؛ لأنَّ نَبيَّ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ حدَّثَنا أنَّه لم يكُنْ شَيءٌ إلَّا يُطفِئُ على إبراهيمَ عليه السَّلامُ، إلَّا هذه الدَّابَّةَ، فأَمَرَنا بقَتْلِها»، فيكونُ هذا بعْدَ عِلمِها بذلك، وفي هذا الحديثِ زِيادةُ بَيانٍ لِخُبْثِ هذا النَّوْعِ وفَسَادِه، وأنَّهُ بَلَغَ في ذلِكَ مَبْلَغًا اسْتَعْمَلَهُ الشَّيْطانُ، فحَمَلَهُ على أنْ نَفَخَ في النَّارِ الَّتي أُلْقِيَ فيها خَلِيلُ اللهِ  عَليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ وسَعَى في اشْتِعالِها، وهو في الجُمْلةِ مِن ذَوَاتِ السُّمُومِ المُؤْذِيةِ.
وَقيل: مِن شَغَفِها إفْسادُ الطَّعامِ، خُصُوصًا المِلْحَ؛ فإنَّها إذا لمْ تَجِدْ طَريقًا إلى إفْسَادِه ارْتَقَت السَّقْفَ وأَلْقَتْ خَرَأَها في مَوضِعٍ يُحَاذِيهِ.
واختُلِفَ فيمَن قال: «وزَعَمَ سَعْدُ بنُ أبِي وقَّاصٍ أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أمَرَ بقَتْلِهِ»؛ فيَحتمِلُ أنْ يكونَ عُروةَ، فيكونُ الحديثُ مُتَّصِلًا؛ فإنَّه سَمِعَ مِن سَعْدٍ، ويَحتمِلُ أنْ تكونَ عائشةُ، فيكونُ مِن رِوايةِ القَرينِ عن قَرينِه، ويَحتمِلُ أنْ يكونَ مِن قَولِ الزُّهريِّ، فيكونُ مُنقطِعًا.