باب في قرب النبي - صلى الله عليه وسلم - من الناس وتبركهم به 3
بطاقات دعوية
عن أنس - رضي الله عنه - أن امرأة كان في عقلها شيء فقالت يا رسول الله إن لي إليك حاجة فقال يا أم فلان انظري أي السكك شئت حتى أقضي لك حاجتك فخلا معها في بعض الطرق حتى فرغت من حاجتها. (م 7/ 79 - 80
كان النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مُتواضِعًا وقَريبًا مِن النَّاسِ، يَمْشي بيْن أصحابهِ كواحدٍ منهم، ويَجلِسُ بيْنهم، ويُعلِّمُهم أُمورَ الدِّينِ ويَعِظُهم ويُرشِدُهم، ويَسمَعُ مِن الصَّغيرِ والكبيرِ، ومِن الحُرِّ والعبدِ، ويَرُدُّ على كلِّ شَخصٍ بجَوابِ مَسألتِه بما يُناسِبُه ويَنفَعُه في دِينِه ودُنياهُ وآخِرتِه.
وفي هذا الحديثِ يَرْوي أَنسُ بنُ مالكٍ رَضيَ اللهُ عنه أنَّ امرأةً كانتْ في عَقلِها شَيءٌ مِنَ الخِفَّةِ أو الجُنونِ، قالت للنَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ذاتَ يومٍ: «إنَّ لي إِليكَ حاجةً» خَفيَّةً عنِ النَّاسِ.
فأَجابَها صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وقال لها: «يا أُمَّ فُلانٍ، انظُري»، أي: تَفكَّري أو أَبصِري، أيَّ الطُّرُقِ أَردتِ إحضاري فيه حتَّى أَقضيَ لكِ حاجتَكِ، وأُحصِّلَ لكِ مَقصودَكِ ومُرادَك، فمَضى مَعها في بعضِ طُرُقِ المدينةِ للنَّاسِ لِيَقضي حاجتَها، ووَقَفَ مَعها وسَمِعَ كَلامَها وَردَّ جَوابَها حتَّى فَرغَت مِن حاجَتِها.
وليْس ذلكَ مِن الخَلْوةِ بالأجنبيَّةِ؛ فإنَّ هذا كان في مَمرِّ النَّاسِ ومُشاهدتِهم، لكنْ لا يَسمَعون كلامَها. قيل: إنَّما ذكَرَ أنَّ بعَقلِها شَيئًا؛ لكَونِها طَلَبَت منه أنْ يَجلِسَ معها، وأنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ راعَى شَأْنَها وحقَّقَ لها ما تُريدُ مِن أجْلِ ضَعفِها.
وفي الحديثِ: حُسنُ خُلُقِ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وتَواضُعُه ورِفقُه.