باب: في قوله تعالى: {أولئك الذين يدعون يبتغون إلى ربهم الوسيلة}
بطاقات دعوية
عن عبد الله بن مسعود: {أولئك الذين يدعون يبتغون إلى ربهم الوسيلة} قال كان نفر من الإنس يعبدون نفرا من الجن فأسلم النفر من الجن واستمسك الإنس بعبادتهم (1) فنزلت {أولئك الذين يدعون يبتغون إلى ربهم الوسيلة}. (م 8/ 244)
الهِدايَةُ بِيَدِ اللهِ وَحْدَه، وَلا فَضْلَ لِأحدٍ على أحدٍ إلَّا بالتَّقوى، وإنَّ الإنسَ والجِنَّ كَلَّفَهمُ اللهُ سُبحانَه وتَعالى بِعبادَتِه وَحْدَه لا شَريكَ لَه في تِلكَ الدُّنيا اختِبارًا لَهُم؛ فمَن أحسَنَ فَقدْ أنقَذَ نَفْسَه، ومَنْ أساءَ فقدْ أهْلَكَها
وفي هذا الحَديثِ يُبيِّنُ عَبدُ اللهِ بنُ مَسعودٍ رضِيَ اللهُ عنه سَببَ نُزولِ قولِه تعالَى: {إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسيلَةَ}، أي: القُربةَ، وتَمامُ هذه الآية: {قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِهِ فَلَا يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنْكُمْ وَلَا تَحْوِيلًا * أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُورًا} [الإسراءِ: 56- 57]، قالَ ابنُ مَسعودٍ: كانَ ناسٌ مِنَ الإنسِ يَعبُدونَ ناسًا مِنَ الجِنِّ، يَعني: يَعبُدونَهم بَدلًا مِن عِبادةِ اللهِ سُبحانَه وتَعالى، فأسلَمَ هَؤلاءِ الجِنُّ الَّذينَ يَعبُدُهمُ الإنسُ، واستَمرَّ الإنسُ يَعبُدونَ الجِنَّ الذين أسْلَموا، وهَؤلاءِ الجِنُّ لا يَرتَضونَ ذلكَ؛ لأنَّهم أسلَموا، وهُمُ الَّذينَ بعْدَ إسلامِهِم صاروا يَبتَغونَ إلى رَبِّهمُ الوَسيلَةَ والقُربةَ
وفي الحَديثِ: أنَّ الجِنَّ مُكلَّفونَ مِنَ اللهِ سُبحانَهُ وتعالَى
وفيه: أنَّه لا يُعاقَبُ بالذَّنْبِ إلَّا صاحِبُه، وأنَّ مَن كانَ سَببًا في نَشأةِ ذَنْبٍ مُعيَّنٍ وتابَ فإنَّه يُعفَى عنه ما دام تابَ ورَجعَ