باب في كراهية الصلاة في لحف النساء
سنن الترمذى
حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال: حدثنا خالد بن الحارث، عن أشعث وهو ابن عبد الملك، عن محمد بن سيرين، عن عبد الله بن شقيق، عن عائشة، قالت: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يصلي في لحف نسائه»: «هذا حديث حسن صحيح، وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم رخصة في ذلك»
علَّمَنا النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أحكامَ الصَّلاةِ، وكلَّ ما يتعلَّقُ بها من سُننٍ وآدابٍ، وبيَّنَ لنا ما يصِحُّ فيها وما لا يَصِحُّ، وقد نقَلَ الصَّحابةُ الكِرامُ كلَّ ذلك عنه.
وفي هذا الحديثِ تُخبِرُ أمُّ المؤمنِين عائشةُ رضِيَ اللهُ عنها: "كان رَسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لا يُصَلِّي في لُحفِ نسائِه"، واللِّحافُ: اسمٌ لِما يُلْتحَفُ به، وهو اللِّباسُ الذي فوقَ سائِرِ اللَّباسِ، ويُلَفُّ به الجَسدُ عندَ النَّومِ وغَيرِه، والمرادُ بها تِلكَ الأغطيةُ والثِّيابُ الَّتي يَستخدِمُها نِساؤُه، والَّتي هي مَظِنَّةُ وُقوعِ النَّجاسةِ فيها مِن أثَرِ حَيْضٍ وغَيرِه، وهذا من الاحتِياطِ والأخْذِ باليَقينِ ودَفْعِ الوسْواسِ.
وأمَّا ما ورَد أنَّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كان يُصلِّي في الثَّوبِ الذي يُجامِعُ فيه أهلَه ما لم يَرَ فيه أذًى، كما عِندَ أبي داودَ والنَّسائيِّ وابنِ ماجَهْ من حديثِ أُمِّ حَبيبةَ زَوجِ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم؛ فهو مَحمولٌ على أنَّه لم يَجِدْ غَيرَه ولم يَعلَمْ بنَجاسةٍ، وهذا الحَديثُ- أنَّه كان لا يُصلِّي في لُحُف نِسائِه- محمولٌ على وجودِ غَيرِه، وفي هذه الحالةِ الأولى الاحتِياطُ والأخْذُ باليقينِ.
وفي الحديثِ: تَجنُّبِ ثِيابِ النِّساءِ الَّتي هي مَظنَّةٌ لِوقُوعِ النَّجاسةِ فيها، وسائرِ الثِّيابِ الَّتي تكُونُ كذلكَ.
وفيه: التَنبيهُ على الاحتِياطِ والأخْذِ بِاليقينِ وتَركِ المشكوكِ فيه في أمْرِ الصَّلاةِ والعِباداتِ..