باب في مناقب أبي حفص عمر بن الخطاب رضي الله عنه
سنن الترمذى
حدثنا محمد بن بشار، ومحمد بن رافع، قالا: حدثنا أبو عامر العقدي قال: حدثنا خارجة بن عبد الله الأنصاري، عن نافع، عن ابن عمر، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «اللهم أعز الإسلام بأحب هذين الرجلين إليك بأبي جهل أو بعمر بن الخطاب» قال: وكان أحبهما إليه عمر: «هذا حديث حسن صحيح غريب من حديث ابن عمر»
كان لعُمرَ بنِ الخطَّابِ رضِيَ اللهُ عنه بأسٌ وقوَّةٌ يُعرَفُ بها قبلَ الإسلامِ، وكذلك كان أبو جَهلٍ، واسمُه: عَمرُو بنُ هِشامِ بنِ المُغيرةِ المَخْزوميُّ؛ فكان النَّبيُّ يطمَعُ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم في إسلامِهما، لِما سيُعطيانِه للإسلامِ مِن العِزَّةِ والمَنَعةِ إبَّانَ ظهورِ الإسلامِ، وفي هذا الحديثِ يروي عبدُ اللهِ بنُ عُمرَ رضِيَ اللهُ عنهما: "أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم قال: اللَّهمَّ أعِزَّ الإسلامَ"، أي: قَوِّه وانصُرْه رافعًا لشأنِه على الكفرِ، "بأحَبِّ هذَينِ الرَّجُلينِ إليكَ؛ بأبي جَهلٍ أو بعُمَرَ بنِ الخطَّابِ"، أي: بإسلامِ أحدِهما، ولعَلَّ اقتِصارَه صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم على أحدِهما؛ لِمَا كان في الاثنينِ مِن بأسٍ على الإسلامِ وشدَّةٍ يَجعَلُ الظَّنَّ الغالبَ فيهما عدمَ إسلامِهما، فكان الطَّمعُ في إسلامِ أحدِهما كبيرًا، فضلًا أن يُسلِمَ الاثنانِ، قال النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم: "وكان أحَبَّهما إليه عُمَرُ"، أي: ظهَر بالواقعِ أنَّ دعوةَ النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم أصابَتْ عُمرَ بنَ الخطَّابِ، وظهَر أنَّه أحَبُّ الرَّجُلَين إلى اللهِ تعالى، حيثُ هَداه إلى الإسلامِ، وأعزَّه به، وفي صحيحِ البخاريِّ: أنَّ عبدَ اللهِ بنَ مسعود رضِيَ اللهُ عنه قال: "ما زِلْنا أعِزَّةً منذ أسلَمَ عُمَرُ".
وفي الحَديثِ: بيانُ فضلِ عُمَرَ بنِ الخطَّابِ رضِيَ اللهُ عنه مع ذِكرِ مَنقبتَينِ له، وهما: ما أصبَحَ للإسلامِ مِن عزَّةٍ بإسلامِه، وحُبُّ اللهِ عزَّ وجلَّ له.