باب فيمن تجهز فمرض فليدفعه إلى من يغزو
بطاقات دعوية
عن أنس - رضي الله عنه - أن فتى من أسلم قال يا رسول الله إني أريد الغزو وليس معي ما أتجهز به (1) قال ائت فلانا فإنه قد كان تجهز فمرض فأتاه فقال إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقرئك السلام ويقول أعطني الذي تجهزت به قال يا فلانة أعطيه الذي تجهزت به ولا تحبسي عنه شيئا فوالله لا تحبسي منه شيئا فيبارك لك فيه. (م 6/ 41
الجِهادُ في سبيلِ اللهِ لإعلاءِ كَلمةِ اللهِ في الأرضِ، ولحمايَةِ العَقيدةِ والدِّفاعِ عنِ الدِّينِ، والتَّجهيزُ لذلك مِنَ القُرُباتِ الَّتي يَنبغي للمُسلمِ أن يَحرِصَ عليها.
وفي هذا الحديثِ يَرْوي أنسُ بنُ مالكٍ رَضيَ اللهُ عنه أنَّ فَتًى من قبيلةِ أَسْلمَ العربيَّةِ قال: «يا رَسولَ اللهِ، إنِّي أُريدُ الغَزْوَ»، يَعنِي تَلبِيةً لِمَا كان صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَفعَلُه من حَضِّهم على الجِهادِ، والدِّفاعِ عن عَقيدتِهم، ونَشْرِ دَعوتِهم، لكنَّ الفتى أخبرَ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنَّه لا يَملِكُ ما يَتجهَّزُ به، فأتاه ليُعينَه على غَزوِه، فدَلَّه النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ على رَجُلٍ كان قد تَجَهَّزَ ثُمَّ حالَ بَينَه وبين الخُروجِ للغَزْوِ مَرَضٌ، وأَمَرَه أنْ يَذهَبَ إليه ويَطلُبَ منه ما كان قد جَهَّزَ به نَفسَه للغَزوِ؛ ليَغزُوَ به هذا الفَتَى الَّذي لا يَجِدُ ما يَتَجهَّزُ به.
فذهَبَ إليه وأخبَرَه بما قاله له النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فخاطَبَ الرَّجلُ المريضُ زَوجتَه أو أَمَتَه وأمَرَها أنْ تُعطِيَه جَميعَ جِهازِه، «ولا تَحْبِسِي عنْه شيئًا» فنَهاها عن مَنعِ شيءٍ ممَّا كان سيَخرُجُ هو به، «فوَاللَّهِ، لا تَحْبِسِي منه شيئًا» قليلًا ولا كثيرًا «فيُبَارَكَ لَكِ فِيهِ» أي: إنَّ اللهَ عزَّ وجلَّ سيَنزِعُ البركةَ منه إنْ أبْقيْتِ منه شيئًا.
وفي الحديثِ: حُسنُ تَدبيرِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أُمورَ أصحابِه.
وفيه: أنَّ مَن حَبَسَ مالًا على عَمَلٍ صالحٍ ثُمَّ عَجَزَ عنه لِمَرَضٍ أو غيرِه، فإنَّه يَصرِفُ ذلك المالَ لمَنْ يَقومُ بهذا العملِ، ولا يَأخُذُ منه شيئًا؛ حتَّى يَكونَ شَريكًا للعاملِ.
وفيه: سُرعَةُ امتِثالِ الصَّحابيِّ وثِقَتُه بوَعدِ اللهِ ورَسولِه؛ حيثُ نَهى زَوجتَه أن تَحبِسَ شيئًا.