باب فيمن تزوج ولم يسم صداقا حتى مات
حدثنا عثمان بن أبى شيبة حدثنا عبد الرحمن بن مهدى عن سفيان عن فراس عن الشعبى عن مسروق عن عبد الله فى رجل تزوج امرأة فمات عنها ولم يدخل بها ولم يفرض لها الصداق فقال لها الصداق كاملا وعليها العدة ولها الميراث. فقال معقل بن سنان سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قضى به فى بروع بنت واشق.
( عن فراس ) : بكسر الفاء ابن يحيى الهمداني المكتب الكوفي وثقه ابن معين ( عن عبد الله ) : هو ابن مسعود ( ولم يفرض ) : بفتح الياء وكسر الراء أي لم يقدر ولم يعين ( فقال ) : أي عبد الله بن مسعود ( لها الصداق كاملا ) : أراد بالصداق الكامل مهر المثل كما يأتي ( وعليها العدة ) : أي للوفاة ( قال معقل ) : بفتح الميم وكسر القاف ( ابن سنان ) : بكسر السين الأشجعي ( قضى به ) : أي بما قضيت ( في بروع ) : قال في القاموس : كجدول ولا يكبر بنت واشق صحابية ، وفي المغني بفتح الباء عند أهل اللغة وكسرها عند أهل الحديث ( واشق ) : بكسر الشين المعجمة . والحديث دليل على أن المرأة تستحق كمال المهر بالموت وإن لم يسم لها الزوج ولا دخل بها
قال المنذري : وأخرجه الترمذي والنسائي وابن ماجه وقال الترمذي : حديث حسن صحيح . ( أتي ) : بصيغة المجهول ( بهذا الخبر ) : أي بهذا الحديث المذكور ( فاختلفوا إليه ) : أي إلى ابن مسعود ( أو قال مرات ) : شك من الراوي ( لا وكس ) : بفتح فسكون أي لا نقص ( ولا شطط ) : بفتحتين أي ولا زيادة . قال الخطابي : الوكس النقصان والشطط العدوان وهو الزيادة على قدر الحق ، يقال اشتط الرجل في الحكم إذا تعدى الحق وجاوزه ( فإن يك ) : حكمي هذا وقضائي ( فمن الله ) : أي من توفيق الله ( وإن يك خطأ فمني ومن الشيطان ) : أي من قصور علمي ومن تسويل الشيطان وتلبيسه علي وجه الحق فيه ( والله ورسوله بريئان ) : يريد أن الله سبحانه ثم رسوله - صلى الله عليه وسلم - لم يتركا شيئا لم يبيناه في الكتاب أو في السنة ، ولم يرشدا إلى صواب الحق فيه إما نصا أو دلالة ، وهما بريئان من أن يضاف إليهما الخطأ الذي يؤتى المرء فيه من جهة عجزه وتقصيره
والحديث فيه دليل على أن المرأة تستحق بموت زوجها بعد العقد قبل فرض الصداق جميع المهر وإن لم يقع منه دخول ولا خلوة ، وبه قال ابن مسعود وابن سيرين وابن أبي ليلى وأبو حنيفة وأصحابه وإسحاق وأحمد . وعن علي وابن عباس وابن عمر ومالك والأوزاعي والليث وأحد قولي الشافعي أنها لا تستحق إلا الميراث فقط ولا تستحق مهرا ولا متعة ، لأن المتعة لم ترد إلا للمطلقة ، والمهر عوض عن الوطء ، ولم يقع من الزوج
وأجابوا عن حديث الباب بالاضطراب فروي مرة عن معقل بن سنان ومرة عن رجل من أشجع أو ناس من أشجع وقيل غير ذلك . وأجيب بأن الاضطراب غير قادح لأنه متردد بين صحابي وصحابي وهذا لا يطعن به في الرواية . وقالوا : روي عن علي أنه قال لا تقبل قول أعرابي بوال على عقبيه فيما يخالف كتاب الله وسنة نبيه ، ورد بأن ذلك لم يثبت عنه من وجه صحيح ، ولو سلم ثبوته فلم ينفرد بالحديث معقل المذكور بل روي من طريق غيره بل معه الجراح كما وقع في هذه الرواية ، وأيضا الكتاب والسنة إنما نفيا مهر المطلقة قبل المس والفرض لا مهر من مات عنها زوجها ، وأحكام الموت غير أحكام الطلاق