باب فيمن روى أنه لا يستسعى
حدثنا إبراهيم بن موسى الرازى أخبرنا عيسى بن يونس حدثنا عبيد الله عن نافع عن ابن عمر قال قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- « من أعتق شركا من مملوك له فعليه عتقه كله إن كان له ما يبلغ ثمنه وإن لم يكن له مال عتق نصيبه ».
خلَقَ اللهُ سُبحانه وتعالَى النَّاسَ أحرارًا، وكَرِهَ أنْ يَسترِقَّ بَعضُهم بَعضًا، وقدْ جاء الإسلامُ ونِظامُ العُبوديَّةِ قائمٌ، فحَرَصتْ شَريعةُ الإسلامِ على العِتقِ، ويَسَّرتْ في أسبابِه
وفي هذا الحديثِ يُبيِّنُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنَّ مَنْ أعتَقَ شَقيصًا -والشِّقْصُ والشَّقِيص المرادُ به النَّصيبُ- له في عبْدٍ مَملوكٍ له ولغَيرِه، فإنَّه يَتعيَّنُ عليه أنْ يُعتِقَه جَميعَه مِن مالِه، إنْ كان له مالٌ يَستطيعُ الدَّفعَ منه، زائدٌ عَن قُوتِ يَومِه وقُوتِ مَن يَلْزَمُه نَفَقَتُه، ويَكْفي لضَروريَّاتِه، كالسَّكنِ والثَّوبِ ونحْوِها؛ حتَّى يكونَ العبدُ كلُّه حُرًّا، فإنْ لم يكُنْ هذا الرَّجلُ الَّذي أعتَقَ له مالٌ، قُوِّمَ المملوكُ قِيمةَ عدْلٍ، يعني: قُدِّرَ ثَمنُ هذا المَملوكِ بِقيمةٍ عادلةٍ تُساوي سِعرَه في الحقيقةِ بلا زِيادةٍ أو نُقصانٍ، ثُمَّ استُسْعِيَ غيرَ مَشقوقٍ عليه، يعني: يُمَكَّنُ هذا المملوكُ مِنَ العَملِ حتَّى يَدفَعَ باقيَ قِيمتِه؛ لِيكونَ حُرًّا دونَ أنْ يُشدَّدَ عليه في الاكتسابِ إذا عَجَزَ