باب فيمن قدم شيئا قبل شىء فى حجه
حدثنا القعنبى عن مالك عن ابن شهاب عن عيسى بن طلحة بن عبيد الله عن عبد الله بن عمرو بن العاص أنه قال وقف رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فى حجة الوداع بمنى يسألونه فجاءه رجل فقال يا رسول الله إنى لم أشعر فحلقت قبل أن أذبح فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- « اذبح ولا حرج ». وجاء رجل آخر فقال يا رسول الله لم أشعر فنحرت قبل أن أرمى. قال « ارم ولا حرج ». قال فما سئل يومئذ عن شىء قدم أو أخر إلا قال « اصنع ولا حرج ».
رافق الصحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع، فأخذوا عنه صلى الله عليه وسلم مناسك الحج بقوله وفعله، وحرصوا على أن يسألوه صلى الله عليه وسلم فيما جهلوه وأشكل عليهم حكمه
وفي هذا الحديث يروي عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أنه حضر النبي صلى الله عليه وسلم ورآه في حجة الوداع في العام العاشر من الهجرة، وقد قام صلى الله عليه وسلم يخطب على راحلته -وهي ناقته- عند الجمرة بمنى بعد الزوال من يوم النحر، وقام إليه الحجاج يسألونه ويستفتونه فيما يحتاجون إليه من أحكام الحج، فسأله بعض الناس عن تقديم بعض أعمال الحج في هذا اليوم على بعض، فمن ذلك: أن رجلا غفل ونسي، فخالف الترتيب بين المناسك، فقدم الحلق على الذبح، ومنها أيضا: أن رجلا نحر قبل أن يرمي جمرة العقبة، فأجابهما النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: «افعل ولا حرج»، أي: لا إثم ولا دم عليك، فما سئل عن شيء قدم وحقه التأخير، ولا عن شيء أخر، وحقه التقديم من مناسك هذا اليوم؛ إلا قال صلى الله عليه وسلم للسائل: افعل الآن ما بقي، وقد أجزأك ما فعلت، ولا حرج عليك في التقديم والتأخير
وفي الحديث: سؤال العالم وإن كان مشتغلا، راكبا وماشيا وواقفا، وعلى كل أحواله
وفيه: بيان تيسير الشرع في ترتيب أعمال الحج يوم النحر
وفيه: أنه ينبغي للمسلم أن يتعلم أحكام دينه بسؤال أهل العلم، ولا يعمل عملا إلا وهو على بصيرة من حكمه