باب فيمن لم يجد الماء ولا الصعيد 2
سنن النسائي
أخبرنا محمد بن عبد الأعلى قال حدثنا خالد قال أنبأنا شعبة أن مخارقا أخبرهم عن طارق : أن رجلا أجنب فلم يصل فأتى النبي صلى الله عليه و سلم فذكر ذلك له فقال أصبت فأجنب رجل آخر فتيمم وصلى فأتاه فقال نحو ما قال للآخر يعني أصبت
قال الشيخ الألباني : صحيح الإسناد
تُطلَقُ الجَنابةُ على كُلِّ مَن أنزلَ المنيَّ أو جامعَ؛ وسُمِّيت بذلك لاجتِنابِ صاحِبِها الصَّلاةَ والعِباداتِ حتَّى يطهُرَ منها، وقد أوضحَ النَّبيُّ أحكامَ رَفعِها والتَّطهُرِ منها بالماءِ، أو التَّيمُّمِ عندَ عدَمِ الماءِ أو تعذُّرِ استعمالِه لمرضٍ أو نَحوِه
وفي هذا الحديثِ يُخبِرُ طارقُ بنُ شِهابٍ رضي اللهُ عنه: " أنَّ رجلًا أجنَبَ"، أي: أصابتْهُ جَنابةٌ، "فلم يُصلِّ"، أي: تَوقَّف عنِ الصَّلاةِ لِعدمِ وُجودِ الماءِ لِرفعِ جَنابتِهِ؛ قيل: إنَّ هذا كان قبلَ مَشروعيَّةِ التَّيمُّمِ، "فأتى النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فذَكر ذلك له"، أي: أخبرَه بما وقَع منه مِن جَنابةٍ وتَوقُّفِه عنِ الصَّلاةِ، فقال له النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم: "أصبْتَ"، أي: وذلك أنَّه عَمِلَ باجتهادِه، وهذا يُؤيِّدُ أنَّه كان قبلَ التَّيمُّمِ؛ لِما ثَبت في الصَّحيحين مِن حديثِ عِمرانَ بنِ حُصَينٍ رضي اللهُ عنه أنَّه لمَّا رأى رجُلًا مُعتزِلًا لم يُصَلِّ، قال: "يا فلانُ ما مَنعَك أن تُصلِّيَ في القومِ؟ فقال: يا رسولَ اللهِ، أصابَتْني جنابةٌ ولا ماءَ، قال: عليك بالصَّعيدِ فإنَّه يَكفيك"
قال طارقٌ: "فأجنَبَ رجلٌ آخرُ"، أي: غيرُ الَّذي تَقدَّم، "فتيمَّم فصلَّى"، أي: تَيمَّم لِجَنابتِه حيث فَقَدَ الماءَ، قيل: إنَّ هذا كان بعدَ مَشروعيَّةِ التَّيمُّم،ِ "فأتاه"، أي: ذهَب إلى النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فأخبَره بأمْرِ جَنابتِه وتَيمُّمِه، "فقال نحوًا ممَّا قال للآخَرِ- يعني : أصبتَ-"، أي: صوَّبَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فِعلَه بمثل ما فَعَل مَع الآخَرِ. والحاصلُ: أنَّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال لكلٍّ منهما: "أصبتَ"؛ لكونِهِما عمِلَا باجتهادٍ وبما وَسِعهما مِن عِلمٍ؛ فكلٌّ مِنهما مُصيبٌ مِن هذِه الحيثيَّةِ، وإنْ كان الأوَّلُ مُخطئًا مِن حيثُ تَركِه الصَّلاةَ، بعد فَقْدِه الماءَ الطَّهورَ، وقد بَقِيَ الأمرُ على التَّيمُّمِ لِمَن لم يَجدِ الماءَ سواءً للوضوءِ أو للغُسلِ