‌‌باب قدر القراءة في المغرب

‌‌باب قدر القراءة في المغرب

حدثنا الحسن بن علي، نا عبد الرزاق ، عن ابن جريج، حدثني ابن أبي مليكة ، عن عروة بن الزبير ، عن مروان بن الحكم، قال: «قال لي زيد بن ثابت : ما لك تقرأ في المغرب بقصار المفصل وقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ في المغرب بطولى الطوليين؟ قال: قلت: ما طولى الطوليين؟ قال: الأعراف، والآخر الأنعام».
وسألت أنا ابن أبي مليكة فقال لي من قبل نفسه: المائدة والأعراف

‏ ‏( عن مروان بن الحكم ) ‏ ‏: كان مروان حينئذ أميرا على المدينة من قبل معاوية رضي الله عنه ‏ ‏( بقصار المفصل ) ‏ ‏: اختلف في المراد بالمفصل مع الاتفاق على أن منتهاه آخر القرآن هل هو من أول الصافات أو الجاثية أو القتال أو الفتح أو الحجرات أو ق أو الصف أو تبارك أو سبح أو والضحى إلى آخر القرآن , أقوال أكثرها مستغرب , والراجح من هذه الأقوال أنه من الحجرات إلى آخر القرآن
وسمي مفصلا لكثرة الفصل بين سورة بالبسملة على الصحيح
والجمهور على أن قصار المفصل من سورة لم يكن آخر القرآن , وطواله من سورة الحجرات إلى البروج , وأوساطه من البروج إلى سورة لم يكن ‏ ‏( بطولى الطوليين ) ‏ ‏: أي بأطول السورتين الطوليين , وطولى تأنيث أطول والطوليين بتحتانيتين تثنية طولى
قال الحافظ بعدما ذكر الاختلاف في تفسير الطوليين ما نصه : فحصل الاتفاق على تفسير الطولى بالأعراف , وفي الأخرى ثلاثة أقوال المحفوظ منها الأنعام ‏ ‏( قال قلت ما طولى الطوليين قال الأعراف والأخرى الأنعام ) ‏ ‏: بين النسائي في رواية له أن التفسير من قول عروة ولفظه قال قلت : يا أبا عبد الله وهي كنية عروة , وفي رواية البيهقي قال فقلت لعروة , ففاعل قال الأولى ابن مليكة وفاعل قال الثانية عروة ‏ ‏( وسألت أنا ابن أبي مليكة ) ‏ ‏: هذه مقولة ابن جريج
‏ ‏قال المنذري : وأخرجه البخاري مختصرا وأخرجه النسائي
‏ ‏وأحاديث الباب تدل على استحباب التطويل في قراءة المغرب
وقد اختلفت حالات النبي صلى الله عليه وسلم فثبت أنه صلى الله عليه وسلم قرأ في المغرب بالطور والصافات , وأنه قرأ فيها بـ حم الدخان , وأنه قرأ فيها بسبح اسم ربك الأعلى , وأنه قرأ بالتين والزيتون , وأنه قرأ بالمعوذتين , وأنه قرأ بالمرسلات وأنه قرأ بقصار المفصل
وقال رافع بن خديج رضي الله عنه " كنا نصلي المغرب مع النبي صلى الله عليه وسلم فينصرف أحدنا وأنه ليبصر مواقع نبله , رواه البخاري قال الحافظ : وطريق الجمع بين هذه الأحاديث أنه صلى الله عليه وسلم كان أحيانا يطيل القراءة في المغرب إما لبيان الجواز وإما لعلمه بعدم المشقة على المأمومين قال وليس في حديث جبير بن مطعم دليل على أن ذلك تكرر منه وأما حديث زيد بن ثابت ففيه إشعار بذلك لكونه أنكر على مروان المواظبة على القراءة بقصار المفصل , ولو كان مروان يعلم أن النبي صلى الله عليه وسلم واظب على ذلك لاحتج به على زيد , لكن لم يرد زيد منه فيما يظهر المواظبة على القراءة بالطوال , وإنما أراد منه أن يتعاهد ذلك كما رآه من النبي صلى الله عليه وسلم
وفي حديث أم الفضل إشعار بأنه صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في الصحة بأطول من المرسلات لكونه كان في شدة مرضه وهو مظنة التخفيف