باب قراءة النبي - صلى الله عليه وسلم - القرآن على الجن 2
بطاقات دعوية
عن معن (2) قال سمعت أبي قال سألت مسروقا من آذن النبي - صلى الله عليه وسلم - بالجن ليلة استمعوا القرآن (3) فقال حدثني أبوك يعني ابن مسعود أنه آذنته بهم شجرة. (م 2/ 37)
دَعوةُ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ورِسالتُه عامَّةٌ للجِنِّ والإنْسِ، وقد آمَنَ نَفرٌ مِن الجِنِّ بالنَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وقَرأَ عليهمُ القُرآنَ، كما ذكَر اللهُ تعالَى ذلك في كتابِه
وفي هذا الحَديثِ يَحْكي التَّابِعيُّ عبدُ الرَّحمَنِ بنُ عبدِ اللهِ بنِ مَسْعودٍ أنَّه سَألَ التَّابِعيَّ مَسْروقَ بنَ الأجْدَعِ: مَن أعلَمَ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بحُضورِ الجِنِّ لَيلةَ استَمَعوا القُرآنَ؟ وهو المَذْكورُ في قولِ اللهِ تعالَى: {وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ} [الأحقاف: 29]، وقولِه: {قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ} [الجن: 1]، فقال مَسْروقٌ: إنَّ والدَكَ عبدَ اللهِ بنَ مَسْعودٍ رَضيَ اللهُ عنه أخبَرَني أنَّ شَجَرةً أعلَمَتْ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بوُجودِهم
والجِنُّ همْ خَلقٌ مِن خَلْقِ اللهِ عزَّ وجلَّ، خلَقَهم مِن نارٍ، وهم نَوعٌ منَ الأرْواحِ العاقِلةِ، المُكلَّفةِ على نَحْوِ ما عليه الإنْسانُ، مُجرَّدونَ عنِ المادَّةِ، مُستَتِرونَ عنِ الحَواسِّ، لا يُرَوْنَ على طَبيعَتِهم ولا بصُورَتِهم الحَقيقيَّةِ، ولهم قُدرةٌ على التَّشكُّلِ، يَأكُلونَ، ويَشرَبونَ، ويَتَناكَحونَ، ولهم ذُرِّيَّةٌ، مُحاسَبونَ على أعْمالِهم في الآخِرةِ.
وقدْ وفَدَ الجِنُّ على رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أكثَرَ مِن مرَّةٍ، فأحْيانًا كان النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَعلَمُ بوُجودِهم، أو يَخرُجُ إليهم، وأحْيانًا لا يَشعُرُ رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بذلك
وفي الحَديثِ: دَلالةٌ على نُبوَّتِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وأنَّ الشَّجَرةَ أعلَمَتْه باسْتِماعِ الجِنِّ لقِراءتِه
وفيه: دَليلٌ على أنَّ اللهَ تعالَى يَجعَلُ فيما يَشاءُ مِن الجَمادِ تَمْييزًا
وفيه: ثُبوتُ وُجودِ الجِنِّ