باب قول الله تعالى: {لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم 1
بطاقات دعوية
عن عائشة أن أبا بكر لم يكن يحنث في يمين قط، حتى أنزل الله كفارة اليمين، وقال:
لا أحلف على يمين فرأيت غيرها خيرا منها؛ إلا أتيت الذي هو خير، وكفرت عن يميني، (وفي رواية: إلا قبلت رخصة الله، وفعلت الذي هو خير 5/ 188).
شأنُ اليَمينِ المحلوفةِ باللهِ عَظيمٌ، لا يَعرِفُ قَدْرَها وعظَمَتَها إلَّا مُؤمِنٌ عارِفٌ برَبِّه، ومِن ثَمَّ أمر اللهُ عزَّ وجَلَّ بحِفْظِ الأيمانِ، ومن رحمتِه سُبحانَه أنْ شَرَع لعبادِه الكَفَّارةَ في اليمينِ لِمن أراد أن يحنَثَ في يمينِه ويَفعَلَ خِلافَ ما حَلَف عليه.
وفي هذا الحَديثِ تُخبِرُ أمُّ المُؤمِنينَ عائشةُ بنتُ أبي بَكْرٍ رَضِي اللهُ عَنْهما أنَّ أباها كانَ «لا يَحنَثُ في يَمينٍ»، أي: كان يَبَرُّ بقَسَمِه الذي أَقْسَمَهُ، ويُنفِذُه، ولا يُخلِفُه. «حتَّى أَنْزَل اللهُ كفَّارةَ اليمينِ»، أي: رُخْصةً لمَنْ أراد أنْ يَرْجِعَ في قَسْمِهِ، والكفَّارةُ: ذَهابُ الذَّنْبِ.
وأخبر أبو بَكْرٍ رَضِي اللهُ عَنْه: أنَّه ما حَلَف على يمينٍ، وظَنَّ الخيرَ في غيرِ ما حَلَف به، إلَّا قَبِلَ رُخْصةَ اللهِ وتسهيلَه على عبادِه في تشريعِ الكَفَّارةِ عند الحِنْثِ باليمينِ، ونَقَض يمينَه بالكفَّارةِ، وفَعَلَ الذي هو خيرٌ وأفضلُ.
وأصلُ هذا الحُكمِ رُوِيَ مَرفوعًا إلى النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم -كما في الصَّحيحينِ من حديثِ أبي موسى الأشعريِّ رَضِيَ اللهُ عنه-: «وإنِّي واللهِ -إن شاء الله- لا أحلِفُ على يمينٍ، فأرى غيرَها خيرًا منها إلَّا كفَّرْتُ عن يميني وأتيتُ الذي هو خيرٌ -أو: أتيتُ الذي هو خيرٌ وكَفَّرْتُ عن يميني-».
وقدْ ذُكِرتْ كفَّارةُ اليَمينِ على التَّرتيبِ في قولِه تَعالى: {لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ} [المائدة: 89]، فمن لم يَستطعِ الإطعامَ أو الكسوةَ أو العِتقَ؛ فلْيَصُمْ ثَلاثةَ أيَّامٍ.
وفي الحَديثِ: فضيلةُ أبي بكرٍ الصِّدِّيقِ رَضِيَ اللهُ عنه وحِرصُه على فِعلِ الخَيرِ.