باب - قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "اللهم اغفر لي ما قدمت، وما أخرت"

بطاقات دعوية

باب - قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "اللهم اغفر لي ما قدمت، وما أخرت"

عن أبي موسى عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه كان يدعو بهذا الدعاء: "رب اغفر لي خطيئتي، وجهلي، وإسرافي في أمري كله، وما أنت أعلم به مني، اللهم اغفر لي خطاياي، وعمدي، وجهلي، (وفي رواية: جدي)، وهزلي، وكل ذلك عندي، اللهم اغفر لي ما قدمت وما أخرت، وما أسررت وما أعلنت، أنت المقدم، وأنت المؤخر، وأنت على كل شيء قدير".

كانَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كَثيرَ التَّوَجُّهِ إِلى رَبِّهِ بالدُّعاءِ والاسْتِغفارِ والذِّكرِ، ومِن أَدعِيةِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم الجامعةِ ما جاء في هذا الحديثِ؛ فيروي أبو موسى الأشعريُّ رَضِيَ اللهُ عنه أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كان يَدْعو بهذا الدُّعاءِ: «رَبِّ اغفِرْ لي خَطِيئتِي وَجَهْلِي»، أي: امْحُ ذُنوبي وما جَهِلتُهُ مِن أَفعالٍ سَيِّئةٍ، أو ما فعَلْتُهُ عنْ جهْلٍ منِّي بهِ، وهَذا مِنْ أدبِ الدُّعاءِ والتَّواضُعِ معَ اللهِ عزَّ وجلَّ، واغْفِر لي ذُنوبي التي وقَعَتْ تَجاوُزًا عن قَصْد وغيرِ قَصْدٍ، والإِسرافُ هو التَّجاوُزُ في الحدِّ، واغفِرْ لي ما تَعلَمُ أنَّهُ يَستحِقُّ الغُفرانَ مِنَ الأُمورِ التي قَدْ لا يَظُنُّها البَشرُ ذُنوبًا، أو ما أَنْتَ أعلَمُ بهِ مِن جِهةِ الحَصرِ والإِحْصاءِ ونَسِيتُهُ أنا.
واغفِرْ لِي ما صدَرَ عنْ عَمْدٍ منِّي وعِلمٍ منَ الذُّنوبِ، وما صدَرَ عنْ عدَمِ معرِفةٍ، وكَذلِكَ ما صدَرَ منِّي على طَريقِ الهَزْلِ والمِزاحِ، واغفِرْ لي ما سبَقَ مِن ذُنوبي في سابِقِ حَياتي، واغفِرْ ما يُمكِنُ أنْ يَصدُرَ منِّي مِن ذُنوبٍ في قابلِ الحياةِ؛ لأنَّها إمَّا مُتقدِّمةٌ أو مُتأخِّرةٌ، وهَذا مِنْ حُسنِ الاستِعانةِ عَلى كلِّ الأُمورِ.
واغفِرْ لي ما خَفِيَ وكانَ مَسْتورًا عنْ أعيُنِ الناسِ ولكنَّهُ لا يَخْفى على اللهِ، وما ظَهرَ مِنَ الذُّنوبِ. وهذا اللُّجوءُ إِليكَ يا رَبِّ؛ لأَنَّكَ «أَنْتَ المُقَدِّمُ وَأَنْتَ المُؤَخِّرُ» فلا مُقدِّمَ لِمَا أخَّرْتَ، ولا مُؤخِّرَ لِمَا قدَّمْتَ. «وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ» فإنَّك لا تَعجِزُ عن فِعلِ شَيءٍ، ومِن ذلك غُفرانُ الذُّنوبِ كُلِّها.
وكلُّ هذا دُعاءٌ مِنَ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم لرَبِّه بِغُفرانِ الذُّنوبِ والخَطايا معَ أَنَّهُ قدْ غُفِرَ له ما تَقدَّمَ مِن ذَنْبِهِ وما تأخَّرَ، ولكِنَّهُ كانَ من بابِ الشُّكرِ للهِ عزَّ وجلَّ وتعليمًا لأُمَّتِه.
وفي الحَديثِ: بَيانُ مُداومةِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم على الدُّعاءِ.
وفيه: تَحذيرُ المؤمِنِ ألَّا يغْترَّ بعَملِهِ ولا يَأْمنَ مَكْرَ اللهِ.