باب قيام شهر رمضان 1
سنن النسائي
أخبرنا قتيبة، عن مالك، عن ابن شهاب، عن عروة، عن عائشة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى في المسجد ذات ليلة، وصلى بصلاته ناس، ثم صلى من القابلة، وكثر الناس ثم اجتمعوا من الليلة الثالثة أو الرابعة فلم يخرج إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما أصبح قال: «قد رأيت الذي صنعتم فلم يمنعني من الخروج إليكم إلا أني خشيت أن يفرض عليكم» وذلك في رمضان
شَهرُ رَمضانَ مِن مَواسمِ الخيرِ الَّتي تَحمِلُ النَّفحاتِ الَّتي أُمِرْنا أنْ نَتعرَّضَ لها ونَنْهَلَ مِن خيرِها، ومِن فضائلِ هذا الشَّهرِ الكريمِ ما ذُكِر
في هذا الحَديثِ ممَّا يَترتَّبُ على قِيامِه، والمقصودُ به صَلاةُ التَّراويحِ، حيثُ قال صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: «مَن قامَ رمضانَ إِيمانًا واحتسابًا غُفِرَ له ما تقدَّمَ مِن ذنبِه»، أي: مَن فعَلَ ذلك تَصديقًا بِالمعبودِ الآمِرِ له، وعِلمًا بفَضيلةِ هذا القِيامِ، ومُحتسِبًا جَزيلَ أجْرِه، لا يُريدُ إلَّا اللهَ تعالَى وحْدَه، لا يَقصِدُ رُؤيةَ النَّاسِ ولا غيرَ ذلك مِمَّا يُخالِفُ الإخلاصَ؛ كان جزاءُ ذلك غُفرانَ ما تقدَّمَ مِن ذُنوبِه السَّابقةِ، غيرَ الحُقوقِ الآدميَّةِ المتعلِّقةِ بأموالِهم أو أعراضِهم أو أبدانِهم؛ فهذه لا تَسقُطُ إلَّا برِضاهُم؛ فعلَى الإنسانِ أنْ يَطلُبَ المسامحةَ ممَّن له عليه حقٌّ، أو يُؤدِّيَ الحقوقَ إلى أهلِها.وقد وقَعَ الجزاءُ هنا بصِيغةِ الماضي «غُفِرَ» مع أنَّ المَغفرةَ تكونُ في المستقبَلِ؛ للإشعارِ بأنَّه مُتيقَّنُ الوقوعِ، مُتحقِّقُ الثُّبوتِ، فضْلًا مِن اللهِ تعالَى على عِبادِه
وفي الحديثِ: الحثُّ على قِيامِ شَهرِ رَمضانَ وبَيانُ عَظيمِ أجْرِ ذلك