باب كان النبي - صلى الله عليه وسلم - لا يجد دقلا يملأ بطنه

بطاقات دعوية

باب كان النبي - صلى الله عليه وسلم - لا يجد دقلا يملأ بطنه

عن سماك بن حرب قال سمعت النعمان يخطب قال ذكر عمر ما أصاب الناس من الدنيا فقال لقد رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يظل اليوم يلتوي ما يجد دقلا (3) يملأ به بطنه. (م 8/ 220)

لَقدْ فُتِحتْ أَبوابُ الدُّنيا عَلى النَّاسِ في أيَّامِ الخليفةِ عُمرَ رَضيَ اللهُ عنه، فاحتاجَ أنْ يُذكِّرَهم بزُهدِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ووَرَعِه؛ لأنَّ الإمامَ العادلَ هو الَّذي يَحرِصُ على رَعيَّتِه، فيَنصَحُهم ويُحذِّرُهم مِن الدُّنيا ويُذكِّرُهم بالآخرةِ مع إفشاءِ العدْلِ والحقِّ بيْنهم
وفي هذا الحديثِ يُخبِرُ النُّعمانُ بنُ بَشيرٍ رَضيَ اللهُ عنه وهو يَخطُبُ في النَّاسِ أنَّ عُمرَ بنَ الخطَّابِ رَضيَ اللهُ عنه أيَّامَ كان خَليفةً، جَعَل يُذكِّرُ النَّاسَ ويَعِظُهم، فذَكَر ما أصابَ النَّاسُ مِن الدُّنيا، ممَّا فَتَح اللهُ به عليهم مِن لَذَّاتِها وشَهواتِها، فحَكَى عُمرُ رَضيَ اللهُ عنه أنَّ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كانَ يَظَلُّ اليومَ يَلْتوي، أي: يَتقلَّبُ ظَهرًا لبَطنٍ مِن الجوعِ، وما يَجِدُ دَقلًا يَملأُ به بَطنَه، والدَّقَلُ هُو رَديءُ التَّمرِ، وهذا كنايةٌ عن قِلَّةِ الطَّعامِ في تلك الفترةِ لأجْلِ الدَّعوةِ، وإلَّا فإنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قدْ فُتِحَت له الدُّنيا، وكانَ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يُعطي لِأصحابِه عَطاءَ مَن لا يَخشَى الفَقرَ، ولكنَّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ زَهِدَ فيها وتَرَكَها وحَرَصَ على الابتعادِ عن مَلذَّاتِها مُتعبِّدًا بذلك للهِ عزَّ وجلَّ ومُعلِّمًا لأصحابِه رَضيَ اللهُ عنهم
ولعلَّه رَضيَ اللهُ عنه ذَكَر لهم ذلك تَحذيرًا مِن كُفرانِ النِّعمِ، وتَرغيبًا في شُكرِها والاعترافِ بها وحَمْدِ اللهِ عليها
وفي الحديثِ: مُواساةُ أهلِ البلاءِ بأنَّ الدُّنيا سِجنُ المؤمنِ
وفيه: بيانُ ما كانتْ عليه حالُ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في أوَّلِ الأمرِ مِن شِدَّةِ الحالِ وخُشونةِ العَيشِ والجهدِ