باب كراهة تمني الموت بسبب ضر نزل به ولا بأس به لخوف الفتنة في الدين 3
بطاقات دعوية
وعن قيس بن أبي حازم، قال: دخلنا على خباب بن الأرت - رضي الله عنه - نعوده وقد اكتوى سبع كيات، فقال: إن أصحابنا الذين سلفوا مضوا، ولم تنقصهم الدنيا، وإنا أصبنا ما لا نجد له موضعا إلا التراب ولولا أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهانا أن ندعو بالموت لدعوت به. ثم أتيناه مرة أخرى وهو يبني حائطا له، فقال: إن المسلم ليؤجر في كل شيء ينفقه إلا في شيء يجعله في هذا التراب. متفق عليه، وهذا لفظ رواية البخاري. (1)
كان الصحابة الكرام رضوان الله عليهم جيلا فريدا في التربية والتزكية ومراقبتهم لله وطلبهم الدار الآخرة
وفي هذا الحديث يخبر التابعي قيس بن أبي حازم أنهم دخلوا يوما على خباب بن الأرت رضي الله عنه وقد ناله من المرض ما ناله، واكتوى في جسده سبع كيات بالنار، والكي كان علاجا شائعا عندهم، فلما دخلوا عليه في مرضه ذكر لهم أن إخوانه من الصحابة الذين ماتوا في حياة النبي صلى الله عليه وسلم قبل اتساع الفتوحات وزيادة المال، لم تنقص أجورهم شيئا؛ لأن الدنيا لم تفتح عليهم كما فتحت على الذين شهدوا الفتوحات، وأنه ومن بقي من أصحابه قد نالهم من الغنى الكثير، وفتحت عليهم زهرة الدنيا حتى لم يجدوا له مصرفا إلا وضعه في البنيان والعمارة. ثم ذكر أنه لولا نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن سؤال الله الموت، لسأل الله ذلك ولدعا به على نفسه؛ وذلك لما كان يلاقيه من ألم المرض وشدته
وذكر قيس بن أبي حازم أنهم أتوا خبابا رضي الله عنه مرة أخرى وهو يبني حائطا له، أي: جدارا، فقال لهم: «إن المسلم ليؤجر في كل شيء ينفقه، إلا في شيء يجعله في هذا التراب»، ومراد خباب رضي الله عنه البنيان الزائد على الحاجة، أو كان من باب المفاخرة والمطاولة، فذلك الذي لا يؤجر عليه
وفي الحديث: فضيلة الصحابي خباب بن الأرت رضي الله عنه.
وفيه: النهي عن تمني الموت.
وفيه: مشروعية التداوي بالكي بالنار.