باب كراهية صيام الجمعة منفردا 2
بطاقات دعوية
عن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لا تختصوا ليلة الجمعة بقيام من بين الليالي ولا تخصوا يوم الجمعة بصيام من بين الأيام إلا أن يكون في صوم يصومه أحدكم. (م 3/ 154
العباداتُ منَ الأُمورِ التَّوقيفيَّةِ الَّتي تؤخَذُ جميعُ أعْمالِها منَ الشَّرعِ، فلا يُزادُ أو يُنقَصُ منها، أو تُخصَّصُ أوقاتٌ بنَوعٍ منها لم يُخصِّصْها الشَّرعُ.
وفي هذا الحَديثِ يَنهى النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنْ تُخَصَّ ليلةُ الجمُعةِ بقِيامٍ من صَلاةٍ وذِكرٍ دُونَ غَيرِها مِن سائرِ لَيالي الأُسبُوعِ، وكذلكَ نَهَى صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنْ يُخصَّ يومُه بصيامٍ مِن بَينِ سائرِ أيَّامِ الأُسبوعِ، إلَّا أنْ يَكونَ في صَومٍ مُعتادٍ يَصومُه المسلِمُ، كأنْ يَكونَ يصومُ يومًا ويُفطِرُ يومًا، فوافَقَ يومَ الجمُعةِ، أو نذْرٍ وقَعَ ميقاتُه يومَ الجُمُعةِ، وغيرِها ممَّا يَلزمُه صِيامُه، وفي الصَّحيحَينِ: «لا يصُمْ أحدُكم يومَ الجمُعةِ، إلَّا أنْ يصومَ قبلَه، أو يصومَ بعدَه» فيصومُ معَه يومَ الخَميسِ، أو يومَ السَّبْتِ، قيلَ: إنَّ وَجهَ النَّهيِ عنِ اخْتصاصِ يومِ الجُمُعةِ وليلتِه بهذه الأُمورِ فيه مخالَفةٌ لليَهودِ والنَّصارى؛ فإنَّ اليَهودَ يرَوْنَ اخْتصاصَ السَّبتِ بالصَّومِ تَعْظيمًا، والنَّصارى يرَوْنَ اخْتصاصَ الأحَدِ بالصَّومِ تَعظيمًا له ولَيلتِه بالقيامِ، ولمَّا كان موقِعُ الجمُعةِ من هذه الأمَّةِ موقِعَ اليَومينِ من إحْدى الطَّائفَتَينِ، استُحِبَّ أنْ يخالِفَ هَديُنا هَديَهم في طريقةِ تَعظيمِ هذا اليومِ.