باب كفارة من أتى أهله فى رمضان

باب كفارة من أتى أهله فى رمضان

 حدثنا جعفر بن مسافر حدثنا ابن أبى فديك حدثنا هشام بن سعد عن ابن شهاب عن أبى سلمة بن عبد الرحمن عن أبى هريرة قال جاء رجل إلى النبى -صلى الله عليه وسلم- أفطر فى رمضان بهذا الحديث. قال فأتى بعرق فيه تمر قدر خمسة عشر صاعا وقال فيه « كله أنت وأهل بيتك وصم يوما واستغفر الله ».

لشَهرِ رَمَضانَ حُرمةٌ عظيمةٌ؛ ولذا غلَّظَ الشرعُ المطهَّرُ في انتهاك حُرمتِه بالإفطارِ في نهارِه مِن غيرِ عُذرٍ، وخُصوصًا الإفطارَ بالجِماعِ، وقد بَيَّنَ الشَّرعُ الكَفَّاراتِ الواجِبةَ على مَن أفطَرَ عَمدًا في نَهارِ رَمضانَ، ولكِنَّه راعى أحوالَ الناسِ وقُدراتِهمُ الماليَّةَ والجَسديَّةَ.
وفي هذا الحَديثِ يقولُ أبو هُرَيرةَ رَضيَ اللهُ عنه: "جاءَ رَجُلٌ إلى النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أفطَرَ في رَمَضانَ" وفي رِوايةِ البُخاريِّ: "فَقَالَ: هَلَكتُ
قَالَ: وما شَأْنُكَ؟ قَالَ: وَقَعتُ على امرَأتي في رَمَضانَ"، أيْ: إنَّه جامَعَ امرَأتَه في نَهارِ رَمَضانَ وهو صائِمٌ، "فأمَرَه رَسولُ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنْ يُعتِقَ رَقَبةً" يَعني: يُحَرِّرَ عَبدًا مَملوكًا إذا كانَ يَملكُه أو عِندَه مالٌ يَكفي لِشِرائِه وعِتقِه إنْ وُجِدَ، "أو يَصومَ شَهرَيْنِ مُتَتابِعَيْنِ" إنْ لم يَجِدِ الرَّقَبةَ، "أو يُطعِمَ سِتِّينَ مِسكينًا" إنْ لم يَستَطِعْ صيامَ شَهرَيْنِ مُتَتابِعَيْنِ دونَ انقِطاعٍ "قَالَ: لا أجِدُ"؛ فليس عِندَي مالٌ يَكفي لإطعامِ سِتِّينَ مِسكينًا "فقالَ له رَسولُ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: "اجْلِسْ" واقعُدْ عِندَنا حتى يأتيَنا ما نَفُكُّ به كَربَكَ، قالَ أبو هُرَيرةَ رَضيَ اللهُ عنه: "فأُتيَ بعِرقٍ فيه تَمرٌ قَدرَ خَمسةَ عَشَرَ صاعًا" والعِرْقُ المِكتَلُ أوِ الوِعاءُ الضَّخمُ يَسَعُ خَمسةَ عَشَرَ صاعًا، والصَّاعُ أربَعةُ أمدادٍ، وهذا يَعني أنَّه إذا كانَ يُعطي لِلسِّتِّينَ مِسكينًا خَمسةَ عَشَرَ صاعًا يَكونُ لِكُلِّ واحِدٍ مُدٌّ، فقالَ له النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: "خُذْ هذا فتَصَدَّقْ به" على المَساكينِ وكَفِّرْ عن ذَنبِكَ، فقالَ الرَّجُلُ: يا رَسولَ اللَّهِ، ما أحَدٌ أحوَجُ مِنِّى"؛ فإنِّي مِن أكثَرِ الناسِ فَقرًا وحاجةً لِمِثلِ هذا الطَّعامِ والتَّمرِ، فكيف أتصَدَّقُ؟ "فضَحِكَ رَسولُ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ حتى بَدَتْ أنيابُه" فظَهَرتِ الأسنانِ مِن شِدَّةِ الضَّحِكِ؛ تَعَجُّبًا مِن حالِه، ثم قالَ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: "كُلْه أنتَ وأهلُ بَيتِكَ"، أي: خُذْه وكُلْه أنتَ وأهلُكَ وأولادُكَ "وصُمْ يَومًا" يَعني: صُمْ يَومًا مَكانَ اليَومِ الذي أفطَرتَ فيه "واستَغفِرِ اللهَ" مِمَّا حَصَلَ مِنَ الذَّنبِ الذي هو الإفطارُ في نَهارِ رَمَضانَ
وفي الحَديثِ: النَّدمُ على المَعصيةِ، واستِشعارُ الخَوفِ
وفيه: أنَّ كَفَّارةَ الجِماعِ في نَهارِ رَمَضانَ مُرَتَّبةٌ؛ إعتاقًا، ثم صَومًا، ثم إطعامًا
وفيه: إعانةُ المُعسِرِ في الكَّفارةِ
وفيه: الرِّفقُ بالمُتعلِّمِ، والتَّلطُّفُ في التَّعليمِ، والتَّأليفُ على الدِّين