‌‌باب كيف الجلوس في التشهد1

سنن الترمذى

‌‌باب كيف الجلوس في التشهد1

حدثنا أبو كريب قال: حدثنا عبد الله بن إدريس، عن عاصم بن كليب، عن أبيه، عن وائل بن حجر، قال: قدمت المدينة، قلت: لأنظرن إلى صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما جلس - يعني للتشهد -: افترش رجله اليسرى، ووضع يده اليسرى - يعني - على فخذه اليسرى، ونصب رجله اليمنى. هذا حديث حسن صحيح، والعمل عليه عند أكثر أهل العلم، وهو قول سفيان الثوري، وأهل الكوفة، وابن المبارك
‌‌

كان الصَّحابةُ رَضِي اللهُ عَنهم حَريصينَ على اتِّباعِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم ومُوافقَتِه في عِبادتِه، وعلى مَعرِفةِ هدْيِه صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم.
وفي هذا الحديثِ يقولُ وائِلُ بنُ حُجْرٍ رضِيَ اللهُ عنه: "قدِمتُ المَدينَةَ، قلتُ: لَأَنظُرنَّ إلى صَلاةِ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم"، أي: لَمَّا قدِمتُ المَدينَةَ عزَمتُ على مُراقبَةِ صلاةِ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم، وتتبُّعِ صفَتِها منه، "فلمَّا جلَس- يَعني للتَّشهُّدِ- افتَرَش رِجلَه اليُسرَى"، أي: جعَل رِجلَه اليُسرى على الأرضِ مِثلَ الفِراشِ وجلَسَ علَيها، ولَم يَجلِسْ على الأرضِ، وهذا الوضْعُ يُسمَّى الافتِراشَ، والمرادُ بالتَّشهُّدِ هو التَّشهُّدُ الأوَّلُ، "ووَضَع يدَه اليُسرى- يَعني- على فخِذِه اليُسرَى"، وليس عند الرُّكْبةِ، "ونصَب رِجلَه اليُمنَى"، أي: أقام رِجلَه اليُمنَى بحيثُ تكونُ أصابِعُها في اتِّجاهِ القِبلةِ كما هو الحالُ في السُّجودِ.
وهذا الرِّوايةُ مُقتصِرةٌ فقط على هذِه الهيئةِ في الصَّلاةِ، وكان وائِلٌ رضِيَ اللهُ عنه قد ذكَرَ صِفَتَه صلَّى الله عليه وسلَّم في الصَّلاة في رِوايةٍ أُخرَى؛ مِن استِقبالِه القِبلَةَ، وتكبِيرِه، ورفْعِ يدَيهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم حتَّى كانتا حذْوَ أذنَيْهِ، ورفْعِه يدَيه عند الرُّكوعِ، ورفْعِهما عند رفْعِ رأسِه مِن الرُّكوعِ، ثمَّ لمَّا سجَد وضَع رأسَه بذلك المنزِلِ مِن بينِ يدَيهِ، ثم ذَكَر ما هنا في هذِه الرِّوايةِ.