باب لا يبيع الرجل على بيع أخيه ولا يسوم على سومه 1
سنن ابن ماجه
حدثنا سويد بن سعيد، حدثنا مالك بن أنس، عن نافع عن ابن عمر، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا يبيع بعضكم على بيع بعض" (1).
ضَبَط الإسلامُ عُقودَ المُعامَلاتِ بيْن النَّاسِ؛ حتَّى يَحفَظَ عَلَيهم أموالَهُم ومَصالِحَهم مِن الغَرَرِ والخَديعةِ الَّتي رُبَّما تَقَعُ مِن البَعضِ.
وفي هذا الحديثِ يَنْهى النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عن بَعضِ المُعامَلاتِ التي تَضُرُّ بالنَّاسِ، وتَغرِسُ بيْنهم العَداوةَ والبَغضاءَ، فنَهى صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنْ يَبيعَ بَعضُ المسلِمينَ على بَيعِ بَعضٍ، بمعْنى: أنَّه إذا اتَّفقَ المسلِمُ على بَيعِ سِلعةٍ لِلمشتري بِثمنٍ مُعيَّنٍ، فلا يَأتِ آخَرُ لِيبيعَ مِثلَ السِّلعةَ لهذا المُشتري بِثَمنٍ أقلَّ، وكذلك إذا اتَّفقَ المسلِمُ على شِراءِ سِلعةٍ مِنَ البائعِ على ثَمنٍ مُعيَّنٍ، فلا يَأتِ آخَرُ لِيزيدَ في ثَمنِ السِّلعةِ أو يُحاوَل شِراءَها مِنَ البائعِ بعْدَ أنْ علِمَ أنَّ أخاه يُريدُ شِراءَها ويُفاوضُ البائعَ على ذلك.
وأيضًا نَهى صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عَن تَلقِّي التُّجارِ القادمينَ بالسِّلعِ خارجَ السُّوقِ حتَّى يَنزِلَ بها البائعُ إلى السُّوقِ؛ لأنَّ ذلك قد يكونُ فيه ضَرَرٌ بِالبائعِ أو بِالنَّاسِ؛ أمَّا البائعُ فإنَّه قد يَشتريها منه بِأقلَّ مِنَ الثَّمنِ الَّذي قد يَبِيعُها به إذا نَزَلَ إلى السُّوقِ، وأمَّا النَّاسُ فإنَّ التَّاجرَ قد يَشتري ما مع البائعِ مِن بَضائعَ ويَحتكِرُها ويَزيدُ على النَّاسِ في ثَمنِها.
وفي الحديث: بَيانُ حِرصِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ على كلِّ ما هو خَيرٌ لأُمَّتِه، ورِفقِهِ بها، حتى في المصالحِ الدُّنيويَّةِ.
وفيه: النَّهيُ عنِ اتِّباعِ طُرقِ البيعِ والشِّراءِ التي تُؤدِّي إلى احتكارِ السِّلعِ، وغَلاءِ الأسعارِ.
وفيه: أنَّ الإمامَ ووَلِيَّ الأمرِ يُرشِدُ النَّاسَ في أعمالِ بُيوعِهم وشِرائِهِم داخِلَ الأسواقِ.