باب {لتركبن طبقا عن طبق}

بطاقات دعوية

باب {لتركبن طبقا عن طبق}

 قال ابن عباس: {لتركبن طبقا عن طبق}: حالا بعد حال. قال: هذا نبيكم - صلى الله عليه وسلم (209).

لا شكَّ أنَّ اختلافَ القِراءاتِ في اللَّفظةِ الواحدةِ أو في الضَّبطِ يُؤثِّرُ في تَوجيهِ المعنى وتَفسيرِه بحسَبِ تَغيُّرِ اللَّفظِ أوِ الضَّبطِ.
وفي هذا الحديثِ يُفسِّرُ عبدُ اللهِ بنُ عبَّاسٍ رضِيَ اللهُ عنهما قولَ اللهِ تعالَى: {لَتَرْكَبُنَّ طَبَقًا عَنْ طَبَقٍ} [الانشقاق: 19] حالًا بعد حالٍ، أي: تَغيَّرَ الحالُ مِن حالٍ إلى أُخرى، وذَكَرَ أنَّ المقصودَ بها النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فيَكونُ المعنى: تقَلُّبَ حالِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم إلى النَّصْرِ والفَتْحِ بعْدَ التَّكذيبِ والشِّدَّةِ. أو يكونُ تَنقُّلُه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في رِحْلةِ المعراجِ مِن سَماءٍ إلى سَماءٍ. وتَأويلُ ابنِ عبَّاسٍ رَضِي اللهُ عنهما هذا صَحيحٌ، وذلك أنَّ قِراءتَه -وهي قِراءةُ غيرِ واحدٍ مِنَ القرَّاءِ العشرةِ المتواترةِ قِراءتُهم- بفتْحِ البَاءِ مِن {لَتَرْكَبَنَّ} على أنَّ الِخطابَ للمفرَدِ. وفي قِراءاتٍ أُخرى مُتواترةٍ أيضًا -وهي أيضًا رِوايةُ حفْصٍ عَن عاصمٍ- بضَمِّ الباءِ على أنْ يكونَ الخِطابُ لِلجمْعِ، وبذلك يكونُ المعنى: تَغَيُّرُ حالِ النَّاسِ، فيكونُ الواحدُ منهم رَضيعًا، ثُمَّ فَطيمًا، ثُمَّ طِفلًا، ثُمَّ شابًّا، ثُمَّ شيْخًا، أو يكونُ المقصودُ الغِنَى بعد الفقرِ والفقرَ بعْدَ الغنَى، والصِّحَّةَ بعْدَ السَّقَمِ، والسَّقمَ بعدَ الصِّحَّةِ، أو المعنى: أهوالُ يومِ القيامةِ وشَدائِدُه.