باب لن يدخل أحد الجنة بعمله بل برحمة الله تعالى

بطاقات دعوية

باب لن يدخل أحد الجنة بعمله بل برحمة الله تعالى

حديث أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لن ينجي أحدا منكم عمله قالوا: ولا أنت يا رسول الله قال: ولا أنا إلا أن يتغمدني الله برحمة سددوا

شريعة الدين الإسلامي شريعة سمحة، وأحكامه مبنية على التخفيف واليسر، لا على العنت والمشقة، والعبد في سيره إلى الله تعالى لا بد له من الجمع بين الرجاء والخوف؛ فهما النافعان إذا ما اقترن بهما العمل الدائم دون إفراط أو تفريط
وفي هذا الحديث يؤكد النبي صلى الله عليه وسلم هذه المعاني؛ فيخبر أن العمل لن يدخل الإنسان الجنة، ولن يجيره من النار، فسأله الصحابة رضي الله عنهم: «ولا أنت يا رسول الله؟ قال: ولا أنا»، أي: ويشمل هذا المعنى النبي صلى الله عليه وسلم، وهو أتقى الناس وأعبدهم لله عز وجل، ثم قال صلى الله عليه وسلم: «إلا أن يتغمدني الله برحمة»، فيتداركني بها. ولا تعارض بين هذا الحديث وبين قول الله تعالى: {ادخلوا الجنة بما كنتم تعملون} [النحل: 32]؛ فإن التوفيق للعمل الصالح، والهداية للطاعات، وقبول الله عز وجل لها؛ كل ذلك بفضل من الله تعالى، فهذا الحديث يفسر هذه الآية وما شابهها، ومعنى ذلك: ادخلوا الجنة بما كنتم تعملون مع رحمة الله وبرحمة الله.
ثم أرشدهم النبي صلى الله عليه وسلم إلى ما يساعد على الاستمرار في الطاعات، وما يتحصل به على تلك الرحمة يوم القيامة، فقال: «فسددوا وقاربوا»، أي: اقصدوا الصواب، ولا تفرطوا فتجهدوا أنفسكم في العبادة؛ لئلا يفضي بكم ذلك إلى الملل فتتركوا العمل فتفرطوا
ثم قال: «واغدوا وروحوا، وشيء من الدلجة»، يعني: أن هذه الأوقات الثلاثة أوقات العمل والسير إلى الله؛ فالغدوة: أول النهار، والروحة: آخره، والدلجة: سير آخر الليل، وسير آخر الليل محمود في سير الدنيا بالأبدان، وفي سير القلوب إلى الله بالأعمال، وقال: «وشيء من الدلجة»، ولم يقل: (والدلجة)؛ تخفيفا لمشقة عمل الليل
ثم قال: «والقصد القصد» أي: اقتصدوا في الأمور، والزموا الطريق الوسط المعتدل، وتجنبوا طرفي الإفراط والتفريط، فالقصد هنا هو التوسط، والمعنى: لا تستوعبوا الأوقات كلها بالعمل، بل اغتنموا أوقات نشاطكم، وارحموا أنفسكم فيما بينهما؛ لئلا ينقطع بكم؛ فإن التوسط في الأمور كلها يبلغكم غايتكم وهدفكم الذي تنشدونه
وفي الحديث: بيان لعظم رحمة الله تعالى بعباده