باب: ما تكفل الله عز وجل لمن يجاهد في سبيله 2
سنن النسائي
أخبرنا قتيبة، قال: حدثنا الليث، عن سعيد، عن عطاء بن ميناء، مولى ابن أبي ذباب سمع أبا هريرة، يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «انتدب الله عز وجل لمن يخرج في سبيله لا يخرجه إلا الإيمان بي، والجهاد في سبيلي، أنه ضامن حتى أدخله الجنة بأيهما كان، إما بقتل، أو وفاة، أو أرده إلى مسكنه الذي خرج منه، نال ما نال من أجر أو غنيمة»
للجِهادِ في سَبيلِ اللهِ والشَّهادةِ في سَبيلِه مَنْزلةٌ عاليةٌ، وفَضْلٌ عَظيمٌ؛ لِمَا فيه مِن الفَضْلِ والأَجْرِ الذي يُفضَّلُ به على كَثيرٍ من العِباداتِ
وفي هذا الحديثِ يَقولُ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: «انْتَدَبَ اللهُ»، أي: أجابَ وأوجَبَ وتَفضَّلَ لِمَن خَرَجَ في سَبيلِه، مُخلِصًا النِّيَّةَ للهِ في جِهادِه؛ أنْ يُنجِزَه ما وَعَدَ؛ وذلك بألَّا يُخرِجه إلَّا إيمانٌ باللهِ وتَصديقٌ برُسلِه، فإنَّه يَرجِعُه إلى بَلَدِه بعْدَ الجِهادِ -إنْ لم يُستشْهَدْ- بالَّذي أصابَه مِن النَّيْلِ، وهو العَطاءُ مِن أجْرٍ فَقطْ إنْ لَم يَغْنَموا، أو أجْرٍ مَعَ غَنيمةٍ إنْ غَنِموا، أو أنْ يُدخِلَه الجَنَّة عِندَ دُخولِ المُقَرَّبينَ بِلا حِسابٍ ولا مُؤاخَذةٍ بِذُنوبٍ؛ إذْ تُكَفِّرُها الشَّهادةُ، ثمَّ أخبَرَ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنَّه لَولا مَخافةُ المَشَقَّةِ عَلَى أُمَّتِه ما قَعَدَ بَعدَ سَريَّةٍ، بَل يَخْرُجُ مَعَها بنَفْسِه؛ لِعِظَم أجرِها، ثمَّ أخبَرَ أنَّه يُحِبُّ أنْ يُقتَلَ في سَبيلِ اللهِ ثُمَّ يَحْيا، ثُمَّ يُقتَلَ في سَبيلِ اللهِ ثُمَّ يَحْيا، ثُمَّ يُقتَلَ في سَبيلِ اللهِ ثُمَّ يَحْيا؛ لِعِظَمِ الشَّهادةِ وثَوابِها
وفي الحَديثِ: تَمَنِّي الشَّهادةِ، وعِظَمُ أجْرِها
وَفيه: بَيانُ شِدَّةِ شَفَقةِ رَسولِ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عَلَى أُمَّتِه ورَأْفَتِه بِهِم. وأنَّه إذا تَعارَضَت مَصْلَحَتانِ بُدِئَ بأَهَمِّهما
وَفيه: قَولُ الإنْسانِ: ودِدْتُ حُصولَ كَذا مِن الخَيْرِ الَّذي يَعلَمُ أنَّه لا يَحْصُلُ
وَفيه: عَدَمُ نُقْصانِ أجْرِ المُجاهِدِ بالغَنيمةِ