‌‌باب ما جاء أن أول ما يحاسب به العبد يوم القيامة الصلاة

سنن الترمذى

‌‌باب ما جاء أن أول ما يحاسب به العبد يوم القيامة الصلاة

حدثنا علي بن نصر بن علي الجهضمي قال: حدثنا سهل بن حماد قال: حدثنا همام، قال: حدثني قتادة، عن الحسن، عن حريث بن قبيصة، قال: قدمت المدينة، فقلت: اللهم يسر لي جليسا صالحا، قال فجلست إلى أبي هريرة، فقلت: إني سألت الله أن يرزقني جليسا صالحا، فحدثني بحديث سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم لعل الله أن ينفعني به، فقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " إن أول ما يحاسب به العبد يوم القيامة من عمله صلاته، فإن صلحت فقد أفلح وأنجح، وإن فسدت فقد خاب وخسر، فإن انتقص من فريضته شيء، قال الرب عز وجل: انظروا هل لعبدي من تطوع فيكمل بها ما انتقص من الفريضة، ثم يكون سائر عمله على ذلك "، وفي الباب عن تميم الداري،: «حديث أبي هريرة حديث حسن غريب من هذا الوجه وقد روي هذا الحديث من غير هذا الوجه، عن أبي هريرة، وقد روى بعض أصحاب الحسن، عن الحسن، عن قبيصة بن حريث، غير هذا الحديث والمشهور هو قبيصة بن حريث»، وروي عن أنس بن حكيم، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم نحو هذا
‌‌

كان التَّابِعون يَنشُدون أصحابَ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم؛ لِيَتعلَّموا مِنهم ويَحفَظوا عنهم سُنَّةَ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم.
وفي هذا الحَديثِ يقولُ حُريثُ بنُ قَبِيصةَ: "قَدِمتُ المدينةَ"، أي: مَدينةَ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم، فقلتُ: "اللَّهمَّ يسِّرْ لي جَليسًا صالِحًا"، أي: لِيَتعلَّمَ منه ويُعينَه على طاعةِ اللهِ عزَّ وجلَّ، قال حُريثٌ: "فجَلَستُ إلى أبي هُريرةَ"، إشارةً إلى استِجابةِ اللهِ عزَّ وجلَّ لِدُعائِه، فقال حُريثٌ لأبي هُريرةَ: "إنِّي سأَلتُ اللهَ أن يَرزُقَني جَليسًا صالِحًا، فحدِّثْني بحَديثٍ سَمِعتَه مِن رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم؛ لعَلَّ اللهَ أن يَنفعَني به"، فقال أبو هُريرةَ رَضِي اللهُ عنه: سمعتُ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم يقولُ: "إنَّ أوَّلَ ما يُحاسَبُ به العبدُ يومَ القيامةِ مِن عمَلِه صَلاتُه"، أي: الصَّلاةُ المفروضةُ، "فإنْ صلَحَت"، أي: كانتْ كامِلةً وجاءَتْ على وجهِ التَّمامِ والقَبولِ عِندَ اللهِ عزَّ وجلَّ، "فقد أفلَح وأنجَح"، أي: فاز وبلَغ الأجرَ والثَّوابَ، "وإنْ فسَدَتْ"، أي: كانتْ ناقِصةً وعلى غَيرِ الوجهِ المقبولِ، "فقدْ خاب وخَسِر"؛ وذلك بما سيَقَعُ عليه مِن جَزاءٍ وعُقوبةٍ، "فإنِ انتَقَص مِن فَريضَتِه شيئًا"، أي: فإنْ كانَتِ الفريضةُ غيرَ كامِلَةٍ وبها نَقصٌ، "قال الرَّبُّ تبارَك وتعالَى"، أي: لملائكتِه: "انظُروا"، أي: في صَحيفتِه، "هل لِعَبدي مِن تَطوُّعٍ"، أي: صلاةُ نافلةٍ، "فيُكَمَّلُ بها"، أي: بالنَّافلةِ، "ما انتَقَص مِن الفَريضةِ، ثمَّ يكونُ سائرُ عمَلِه على ذلك"، أي: ثمَّ يُحاسَبُ فيما بَقي له مِن أعمالٍ بأن يُؤخَذَ مِن التَّطوُّعِ لِيُكمَّلَ به الفريضةُ.
وفي هذا الحَديثِ: بيانُ عِظَمِ الصَّلاةِ، وفَضْلِها على سائرِ العباداتِ.
وفيه: بيانُ فَضلِ اللهِ تعالى على عِبادِه المؤمِنين، حيثُ جبَر خلَلَ فَرائضِهم بنَوافِلِهم.
وفيه: التَّرغيبُ على الاستِكْثارِ مِن نَوافِلِ العباداتِ.