باب ما جاء أن الوتر ليس بحتم
سنن الترمذى
حدثنا أبو كريب قال: حدثنا أبو بكر بن عياش قال: حدثنا أبو إسحاق، عن عاصم بن ضمرة، عن علي، قال: الوتر ليس بحتم كصلاتكم المكتوبة، ولكن سن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال: «إن الله وتر يحب الوتر، فأوتروا يا أهل القرآن» وفي الباب عن ابن عمر، وابن مسعود، وابن عباس: «حديث علي حديث حسن»
الوِترُ هو آخِرُ صلاةٍ يُصلِّيها المسلِمُ بعدَ التَّنفُّلِ في صَلاةِ اللَّيلِ، ويكونُ برَكَعاتٍ فَرديَّةِ العدَدِ؛ فيَصِحُّ بركعةٍ أو ثلاثٍ وخَمسٍ، وهكذا.
وفي هذا الحديثِ يقولُ عليُّ بنُ أبي طالبٍ رَضِي اللهُ عنه: "الوِترُ ليس بحَتْمٍ"، أي: صلاةُ الوترِ ليسَتْ بفَرْضٍ واجبٍ، "كصَلاتِكم المكتوبةِ"، أي: بمِثلِ فَرضيَّةِ الصَّلَواتِ الخمسِ، "ولكن سَنَّ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم"، أي: ولكنَّها سُنَّةٌ عن النَّبيِّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم، وقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم: "إنَّ اللهَ وِترٌ"، أي: فَردٌ واحدٌ في ذاتِه، "يُحِبُّ الوترَ"، أي: يُحِبُّ مِن عَبدِه أن يُوتِرَ في الصَّلاةِ، فيُثيبَه ويَأجُرَه عليها؛ "فأوتِروا يا أهلَ القرآنِ"، أي: يعني: المؤمِنين المصدِّقين به، والمعتَنِين بحِفْظِه وتِلاوتِه، وقد يُرادُ بالوترِ في هذا الحَديثِ قيامُ اللَّيلِ، فإنَّ الوِترَ يُطلَقُ عليه؛ فلذا خَصَّ الخِطابَ بأهلِ القرآنِ تأكيدًا، على أنَّ الأَوْلى لهم صَلاتُه وعدَمُ تركِه، وقد قيل غَيرُ ذلك؛ بأنَّ تَخصيصَه أهلَ القُرآنِ بالأمرِ فيه يدُلُّ على أنَّ الوترَ غيرُ واجبٍ على الجَميعِ، ولو كان واجبًا لكان عامًّا، وأهلُ القُرآنِ في عُرْفِ النَّاسِ هم القُرَّاءُ والحُفَّاظُ، دونَ العوامِّ، ويدُلُّ على ذلك أيضًا قولُ ابنِ مسعودٍ للأعرابيِّ في رِوايةٍ أخرى لَمَّا سأَله عمَّا يقولُه النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم في الوترِ: "ليس لك ولا لأصحابِك" وقولُ عليٍّ رضِيَ اللهُ عنه: "الوِترُ ليس بحَتمٍ".